في كل المجتمعات، وفي مجتمعنا بالتحديد ، لا يكاد بيت يخلو من المشاكل، وهي تعتبر شيء طبيعي في
حياتنا نحن البشر ..
ولكننا نلحظ في الآونة الأخيرة توتّر العلاقة في ازدياد بين المرأة والرجل أو الزوج وزوجته على وجه
الخصوص ..
وما ارتفاع نسبة الطلاق بشكل مهول إلا دليل على ذلك .. وهذه دراسة لحالات الطلاق التي سببتها
المشاكل ..
قامت باحثة بعمل استطلاع رأي وجهته لمجموعة من النساء المطلقات بمدينة جدة، حيث بينت تلك
الدراسة الاستطلاعية التي شملت 158 مطلقة نتائج عدة أهمها:
• أن ما يقارب نصف أفراد العيّنة طلقن قبل مرور ثلاث سنوات على الزواج.
• أن المشكلات بدأت عند غالبية المطلقات خلال العام الأول من الزواج.
• أن هناك أسبابا ً عدة أدت إلى وقوع الطلاق أهمها سوء خلق الزوج وعدم تقديره الحياة الزوجية
ومسؤولياتها إضافة إلى علاقته النسائية غير الشرعية.
• أن ما يزيد على ثلثي أفراد العيّنة يرفضن العودة إلى مطلقيهم مرة أخرى.
• أن المطلقات يعانين مشكلات كثيرة بعد وقوع الطلاق أهمها المشكلات المرتبطة بالأبناء من تكلفة
الإنفاق عليهم أو الحرمان منهم أو تشتتهم والخوف على مستقبلهم، إضافة إلى معاناة نظرة المجتمع
للمطلقة والمعاناة مع الأهل.
وأنا في هذا الموضوع لن أناقش مشكلة الطلاق ولكني ذكرت هذه الدراسة لأنها تتحدث عن الطلاق
الذي هو أحد نتائج المشكلات العائلية، وربما هو الحل الأخير
( بداية المشاكل )
في زمننا هذا أصبحت المشاكل هي الشقيق الغير شرعي للزواج حتى قبل بدايته، فتبدأ المشاكل من
تعنّت أهل الفتاة، وعناد أهل الشاب، ويبدأ الأخذ والرد حول التكاليف ومكان إقامة المناسبة بشكل قد
يجعل الشاب أو الفتاة يكره الموضوع من الأصل، ولا يُقبل إليه راغبا ً ومتحمسا ً .. هذا إذا افترضنا أنه
يريد الزواج أصلا ً أو هي كذلك ؛ لأن الكثير من قصص الزواج الفاشلة والتي تكون قبلها العديد من
المشاكل كان سببها عدم الرغبة أو الاستعداد للزواج من قِبل الشاب أو الفتاة، مما يساهم في عدم خلق
جو أسري مناسب لحياة عائلية سعيدة ومطمئنة ..
( أسباب مختلفة للمشاكل )
بعض المشاكل العائلية تكون فيها أطراف المشكلة خارج بيت الزوجية، مثل أن ينشأ خلاف بين أهل
الزوج وأهل الزوجة، وبالتالي ينعكس ذلك على الزوجين إن لم يكونا واعيين، فعندما يتمسك كل منهما
بموقفه المساند لأهله فهنا ستحدث المشكلة وتتطوّر ..
وفي أحيان أخرى يكون الوضع المادي ورداءته سبب رئيسي في المشاكل الزوجية، فعندما لا تكترث
الزوجة بوضع زوجها ماديا ً، وهذا ما لا يُفترض أن يكون .. والمشكلة تنشأ وتكثر عندما تكون الفتاة
مرفّهة في بيت أهلها وتجد كل ما تطلب، ثم تنصدم بواقع زوجها ووضعه المادي المنخفض، فهنا
بإمكاننا اعتبار الفتاة مخطئة؛ لأنها قبلت به وهي تعرف ظروفه وحالته المادية، مع العلم أن المفروض
على الفتاة أن تقدّم علاقتها العاطفية وروح المشاركة على الماديات ..
ويكون الزوج سببا ً في ذلك عندما يوهم الفتاة قبل الزواج بأنه سيفعل ويفعل، وبعد الزواج لا ترى
الزوجة شيئا ً ..
هذا من ناحية المادة وهي التي طغت في الآونة الأخيرة على تفكير الأغلبية، وتصدّرت أسباب المشاكل
العائلية، وخصوصا ً في الفترة الأخيرة مع ثورة الأسهم ورواج مشاكلها وتأثيرها على المجتمع ..
ومن الأسباب الرئيسية للمشاكل العائلية عدم الاستعداد النفسي من الزوجين أو أحدهما للحياة
الزوجية، وعدم استطاعته على الانسجام مع شريك والإحساس بالمسؤولية .. أما المشاكل التي لا
تحدث إلا لاحقا ً، فقد تكون أسبابها الضغوطات الخارجية التي يتعرّض لها الزوج سواءً في العمل أو مع
الأصدقاء ..
وتحدث المشاكل أيضا ً عندما تسمع الزوجة لكلام أخواتها أو قريباتها أو حتى صديقاتها عن ماذا يفعل
أزواجهن لهن وتبدأ بالمطالبة بالمثل وهنا تتولد مشكلة بين الزوجين ..
ومن أهم الأسباب وأخطرها ومما قد يفتك بالحياة الزوجية هو الشك بين الزوجين وعدم وجود الثقة
بينهما، فالمرأة تعتقد أن زوجها له علاقة بنساء أخريات، وقد يحدث ذلك مع الزوج، فيبدأ التذمّر وتبدأ
العصبية، وقد تنتهي بما لا يحمد عقباه ..
وتحدث المشاكل أيضا ً عند الاختلاف في كيفية معاملة الأبناء وتربيتهم، فالأب يريد من الأم أن تكون
حازمة وهو كذلك، بينما الأم بطبعها تكون حنونة وتدلل الأبناء، وينشب الخلاف على أساس أن الأم
ستساهم بهذا الشكل في انحراف الأبناء، وخصوصا ً عندما يرفض الأب أن يعطي ابنه نقود، ثم يذهب
إلى أمه فتعطيه، وهنا يعتقد الأب أن زوجته كسرت كلمته، وقللت من قدره أمام ابنه .. وقد يحدث
العكس طبعا ً بحيث يكون الزوج لا مبالي وغير مكترث ويكون هو سبب انحراف ابنه ..
بعيدا ً عن مسألة المخطئ والمصيب؛ لأنني لست بصدد مناقشة مع من يكون الحق، فالنسبة أراها
بالمناصفة، وتغيّر النسبة أعزوه إلى نوع المشكلة والتي من خلالها نستطيع التحديد على من يقع الخطأ
الأكبر ..
( الحلول )
من الحلول المقترحة لحل المشاكل العائلية معالجتها قبل حدوثها؛ لأن الوقاية خير من العلاج .. ويكون
ذلك عن طريق وجود مراكز اجتماعية يكون الهدف منها تثقيف الزوجين قبل الارتباط بكيفية التعامل في
مختلف الحالات والمواقف، مع وجود أخصائيين اجتماعيين ونفسيين لتهيئة الزوجية للحياة الجديدة،
ولكي يدخلا القفص الذهبي وهما يملكان تصوّر تام عن ما قد يحدث بينهما وعن كيفية التعامل لتجنّب
المشاكل، وهذا لا يعتبر أمرا ً صعبا ً .. فكما أصبحت عملية التحليل قبل الزواج إلزامية، فلماذا لا تكون
التهيئة والتوعية إلزامية أيضا ً ؟ ؛؛
لأن بعض الأزواج يعتقد أو يتصوّر أن زوجته ستكون مثل والدته أو أخواته وهذا خاطئ، أو الزوجة
كذلك ..
وبالتالي من خلال المركز الاجتماعي يتعرّف على أنماط أخرى من النساء، وسلوكيات قد يجهلها فيتعلم
كيف يتعامل معها ..
وأما المشاكل التي تحدث بعد الزواج أو بعد ما يرزق الزوجان بطفل أو اثنين، فإن الحل هو تنازل
أحدهما عن موقفه وعدم الإصرار على أخذ الحق حتى لو كان الطرف الآخر مخطئا ً، فمن الضروري
أن يهدأ الوضع قليلا ً وأن لا تتم مناقشة المشكلة في حالة غضب أو عصبية من أحد الزوجين أو
كلاهما ..
ويجب النظر والتفكير في أمور أخرى قد تحدث فور حدوث المشكلة والتي قد تتطوّر ويصل ضررها
للأبناء إما نفسيا ً أو حتى دراسيا ً ..
ومن الضروري في مثل هذه الحالات أن لا تطفو هذه المشكلة على سطح العلاقة وتصبح واضحة
للعيان، ولا يجب السماح لأي شخص بالتدخل أو إفشاء خبر المشكلة لأطراف خارجية .. إلا عندما
تتطوّر المشكلة وتتطلّب وجود طرف ثالث حكيم وليس أي شخص؛ ليكون في محل الحكم العادل ويرضى
بحكمه ورأيه كلا الزوجين ..
كتبت في هذا الموضوع عن المشاكل العائلية متطرّقة لأسبابها، وختمت الموضوع ببعض الحلول
واللوازم التي تساهم في الحد من المشاكل العائلية، والتي أصبحنا نراها في تزايد، وكان حديثي من
واقع إحصائيات لنسبة الطلاق، ولمشاكل ألمسها عن قرب، ولا أحد يجهل وجودها في محيطه الأسري
من قريب أو بعيد ..
فإن كان من صواب فمن الله، وإن كان من خطأ فمن نفسي والشيطان ..
أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه .
منقول للامانة