مفهوم الكفاءة Compétence
1.1 من بيداغوجيا الأهداف إلى المقاربة بالكفايات
لقد ساهم التدريس بالأهداف في تحقيق عدة مكتسبات هامة، منها :
- وعي الأساتذة بضرورة تحديد هدف كل نشاط تعليمي/تعلمي بشكل دقيق.
- ترجمة محتويات التدريس إلى أهداف ووضع خطط دقيقة لتحقيقها.
- تصنيف الأهداف إلى معارف ومهارات ومواقف.
- ضبط عملية التقويم سواء تعلق الأمر بالتقويم التكويني أو التقويم الإجمالي.
- استثمار أدوات ووسائل جديدة للتقويم.
- طرح إشكالية الجودة والفعالية والمردودية من منظور جديد.
وقد برزت، رغم هذه المكتسبات، بعض النقائص للتيار السلوكي، نذكر منها :
- بروز علاقة ميكانيكية بين المثير واستجابة التلميذ، في إطار البحث الحثيث عن سلوكات قابلة للملاحظة.
- تجزيء وحدا ت التعلم إلى مكونات متعددة، تتمثل في ما يسمى بالأهداف الإجرائية مما أدى إلى تفتيت البنية العقلية للتلميذ.
- انعدام التلاؤم بين المكتسبات المدرسية وما يتطلبه حل المشكلات التي تصادف التلميذ في حياته العامة. مما يحول دون استثمار هذه المكتسبات في سياقات مختلفة.
وانطلاقا من الإكراهات الناجمة عن هذه النقائص، انصب اهتمام الباحثين على طرق جديدة للتفكير والعمل. فظهر مفهوم بيداغوجيا الإدماج، والمقاربة بالكفايات كشكل من أشكاله.
1.2 تعريف الكفاية النوعية
عرف مفهوم الكفاية تطورا مهما ساهم فيه كل من البحث التربوي والتجارب الميدانية في بعض الأنظمة التربوية. ويعرف روغيرس[1] الكفاية كالتالي :
"الكفاية هي إمكانية التعبئة، بكيفية مستبطنة، لمجموعة مدمجة من الموارد (معك؟ارف ومهارات ومواقف)، بهدف حل فئة من الوضعيات-المشكلة ".
يبرز هذا التعريف العناصر الأساسية للكفاية، ومنها :
· إمكانية التعبئة : وتعني توفر الفرد على الكفاية بشكل دائم، وليس عند ممارستها في وضعية معينة فقط. مما يجعل الكفاية ملازمة للفرد و دائما في خدمته .
· الكيفية المستبطنة : وتعني طابع الاستقرار والملازمة اللذان يميزان الكفاية، مع قابليتها للتطوير والدعم من خلال ممارستها عبر سياقات مختلفة.
· حل فئة من الوضعيات-المشكلة : ويتعلق الأمر بوضعيات متكافئة، تتميز بنفس الخصائص (المعطيات، صعوبة المهام، دقة المعلومات المقدمة، ...).
كما نستنتج من هذا التعريف أن الكفاية تستلزم :
· امتلاك التلميذ معارف علمية ومنهجية وكذا مهارات مرتبطة بمحتوى المادة.
· تبنيه لمواقف واتجاهات، تمكنه من اتباع سلوكات صحيحة تجاه ذاته و محيطه
· تمرنه على ممارسة الكفاية في وضعيات متكافئة مختلفة.
· استعداده الدائم لممارسة الكفاية، وتطويره لها باكتساب تعلمات جديدة.
كما أن هذا التعريف يمكن من تحديد مميزات الكفاية، مما يسهل عملية صياغتها ووضع استراتيجية لتنميتها.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] La possibilité, pour un individu, de mobiliser de manière intériorisée un ensemble intégré de ressources en vue de résoudre une famille de situations-problèmes.
1.3 مميزات الكفاية
تتميز الكفاية بخصائص، أهمها : تعبئة مجموعة موارد، الوظيفية، العلاقة بفئة من الوضعيات، الارتباط بمحتوى دراسي، والقابلية للتقويم.
1. تعبئة مجموعة موارد : إذ التمكن من الكفاية يعني امتلاك معارف ومهارات وخبرات وتقنيات وقدرات، ... تتفاعل فيما بينها ضمن مجموعة مدمجة. ولا يعتبر توفر التلميذ على كل الموارد الخاصة بكفاية ما ضروريا.
2. الوظيفية : إن امتلاك التلميذ معارف ومهارات ومواقف يبقى دون معنى إذا لم تستثمر في نشاط أو إنتاج محفز، أو في حل مشكلة تعترضه في المؤسسة التعليمية أو في حياته العامة. وهكذا تمكنه الكفاية من ربط التعلمات بحاجاته الفعلية، والعمل على تلبية هذه الحاجات باستقلالية تامة، ووفق وتيرة خاصة.
3. العلاقة بفئة من الوضعيات : إن ممارسة الكفاية لا يمكن أن يتم إلا في إطار حل فئة من الوضعيات المتكافئة. فالكفاية في مجال ما (مادة أو مواد مدمجة) تعني قدرة التلميذ على حل مشكلات متنوعة باستثمار الأهداف (المعرفية والحس-حركية والوجدانية) المحددة في البرنامج. وتصبح ممارسة الكفاية عبارة عن اختيار الموارد الملائمة للوضعية وترتيبها واستثمارها في اقتراح حل أو حلول متعددة للمشكلة.
4. الارتباط بمحتوى دراسي : ويتجلى في كون الكفاية مرتبطة بفئة من الوضعيات، يتطلب حلها استثمار موارد مكتسبة عبر محتوى دراسي معين. ويمكن أن يندرج هذا المحتوى ضمن مادة دراسية واحدة أو ضمن عدة مواد.
5. القابلية للتقويم : تتمثل قابلية الكفاية للتقويم في إمكانية قياس جودة إنجاز التلميذ (حل وضعية-مشكلة، إنجاز مشروع، ...). ويتم تقويم الكفاية من خلال معايير تحدد سابقا. وقد تتعلق هذه المعايير بنتيجة المهمة (جودة المنتوج، دقة الإجابة، ...)، أو بسيرورة إنجازها (مدة الإنجاز، درجة استقلالية التلميذ، تنظيم المراحل، ...)، أو بهما معا.
4.1 صياغة كفاية
تتم صياغة كفاية باعتبار دقة المصطلحات والطابع الإدماجي للكفاية. وتساهم دقة المصطلحات في توحيد فهم الكفاية من لدن عدة أشخاص. بينما يعمل الطابع الإدماجي على تمييز الكفاية عن هدف تعلمي كالمهارة مثلا. ولتحقيق ذلك، يمكن الأخذ بعين الاعتبار الاقتراحات التالية :
- تحديد ما هو مطلوب من التلميذ :
· نوع المهمة المرتقبة : حل وضعية-مشكلة، إنتاج جديد، إنجاز مهمة عادية، التأثير على البيئة، ...
· ظروف الإنجاز : معاملات الوضعية (سياق، معطيات، موارد خارجية، ...)، سيرورة الإنجاز، الإكراهات، المراجع، ...
- الصياغة التقنية :
· تعبئة مكتسبات مدمجة، وليست مضافة بعضها إلى البعض.
· الإحالة إلى فئة من الوضعيات محددة من خلال معاملات.
· تجسيد الكفاية في وضعيات ذات دلالة (بعد اجتماعي مثلا)، لتصير ذات معنى.
· ضمان إمكانية إعداد وضعية جديدة للتقويم.
· التمركز حول مهمة معقدة.
· القابلية للتقويم.
· الملاءمة للبرنامج الرسمي.
تطبيق 1 :
* اختر مادة (أو جزء من مادة) تدرسها بمستوى معين. اقترح الكفايات (2 أو 3 على الأكثر) التي يمكن أن تغطي مجموع التعلمات الأساسية الواردة في برنامج المادة.
* بين الروابط بين هذه الاقتراحات والكقايات الواردة في الوثيقة الإطار للتوحهات والاختيارات التربوية (الكتاب الأبيض).
منقول للامانة