قال الشيخ العارف بالله سيدي محمد الحافظ المصري في كتابه الإنتصاف في رد الإفتراء على السادة التجانية:الخلاف بين ابن الشيخ{سيدي محمد الحبيب} والأمير عبد القادر:
صور محب الدين صورة هذا الخلاف بصورة غير صحيحة لأنه ادعى أن الأمير عبد القادر كان مشتبكا في حرب ضد الجيوش الفرنسية فهاجمه سيدي محمد الحبيب التجاني وطعنه بالخنجر من وراء ظهره ، وكل هذا افتراء لا حقيقة له.......إلى أن قال رضي الله عنه ك واجتمعت كلمة أهل البلاد المسلمين من عرب وغيرهم على أن يؤمروا عليهم من يدفع العدو عن البلاد ويجاهد في سبيل الله عز وجل وطلبوا من الحاج محي الدين والد الأمير عبد القادر أن يكون أميرا عليهم فاستحسن أن يتولى الإمارة ولده الأمير عبد القادر واستقر الأمر على ذلك وتولى الجهاد معه كل الطوائف لم يتخلف عنه أحد وكان أهل الطريقة التجانية يجاهدون تحت لواء الأمير عبد القادر وكانت الحرب بين الفريقين سجالا ثم سعى بعض الموالين لفرنسا من اليهود لعقد هدنة بين الفريقين واتفق الأمير عبد القادر مع الفرنسيين على ذلك ولننقل ما جاء في تحفة الزائر{وهوكتاب لمحمد بن الأمير عبد القادر في تاريخ والده وسماه تحفة الزائر في مآثر الأمير عبد القادر وذكرفيه أنه عرضه عليه } : ذكر انعقاد الهدنة: ولما اشتد الحصار على المدن التي فيها الفرنسيس وطالت مدته وصاروا إلى حالة يرثى لها أدركهم حسن حظهم ونباهة ابن دران فانتدب من وهران ولحق بالأمير وهو محاصر لتلمسان وفاوضه في إبرام الهدنة مع حاكم وهران ورغبه بما ينجم عن المفاوضات لراحة الجيوش الاسلامية من معاناة الحروب وشدائدها .......ثم قر القرار بين الفريقين على أن إبن دران يتولى المواصلة بين الطرفين فيما يحتاج إليه كل منهما من الآخر فيبتاع سائر ما يحتاج إليه الفرنسيس في الجزائر ووهران وتلمسان من أنواع الحبوب والماشية لنفسه من الأمير ثم يبيعها إلى الجنيرال يأخذ منه بأثمانها جميع ما يحتاج إليه الأمير من المهمات الحربية ثم يبيعها إلى الأمير ....وبهذه الهدنة استحصل الأمير من عدوه مهمات حربية وذخائر عظيمة .إهـ ثم اتفق الفريقان على أن يتم بينهما صلح نهائي فعقد الفريقان معاهدة الصلح المعروفة بمعاهدة تافنا { 30 ماي 1837 م ثم ذكر بنود المعاهدة} ....إلى أن قال فبعد أن تم الصلح بين الأمير عبد القادر وبين الفرنسيين واشترى منهم الاسلحة أخذ الامير عبد القادر يوجه نوابه إلى داخل البلاد ويوطد سلطانه فيها فلما وصلت رسل الأمير عبد القادر إلى عين ماضي طلب سيدي محمد الحبيب أن تظل بلدته على الحالة التي كانت عليها والتي أقرتها الحكومات السابقة وقال : إننا لم نتأخر عن الجهاد في سبيل الله لا بنفس ولا بمال ، فلم يرض خليفة الأمير بذلك وحال البوادي معروف حتى عندنا هنا بمصر فإن الحكومات لا تقيدهم بما يتقيد به غيرهم وعين ماضي بلدة في كبد الصحراء { يقول ابن الامير عبد القادر في تحفة الزائر : وأما الجبال وظواعن العرب في البادية فإن لهم إدارة تخصهم موكول أمرها إلى زعمائهم.} ولم يكن هناك أي علاقة بين الشيخ وفرنسا بل هم مشهورون بالعداوة لهم أكثر من أي طائفة أخرى وفي يوم 28 ربيع الأول سنة 1254هـ وصل الأمير عبد القادر إلى عين ماضي وأبى إلا أن يدخلوا تحت نفوذه الفعلي فأبى أهلها ودخل سيدي محمد الحبيب داره وأغلق البلد عليه فهاجمهم الأمير عبد القادر بالأسلحة التي اشتراها من الفرنسيين /وشراء الأسلحة من الفرنسيين مذكور في الهدنة/ فدافعوا عن أنفسهم حتى دخل بين الفريقين من سعى للصلح واتفقوا على أن يرجع الأمير عبد القادر ثمانية أميال عن المدينة وأن يترك سيدي محمد الحبيب عين ماضي ويرحل إلى أي الجهات يشاء وله الحرية هو ومن معه أن يعيشوا حيث شاءوا ،ولو وافق الأمير عبد القادر رحمه الله على ذلك من بداية الأمر وترك لهم الحرية في حياتهم كحال الحكومات السابقة لما وقع أي خلاف بينهم فإنهم جنوده الذين حاربوا تحت لوائه ولم يكن هناك أي دخل لفرنسا ولا أي علاقة لها في هذا الخلاف ولم يذكر ولده وهو صاحب الشأن أن دار الشيخ كان بينها وبين فرنسا أي علاقة وإنما خلاف في الرأي ولم يكن إذ ذاك بين الأمير عبد القادر وفرنسا حرب بل كانت محالفة ومعاهدة صلح نهائي وتبادل الهدايا . فهل يجوز لمن يحترم نفسه أن يفتري على التاريخفيزعم أن سيدي محمد الحبيب كان يصوب الخنجر ليضرب الأمير عبد القادر في ظهره وهو يناهض فرنسا وأين المناهضة أيها الأمناء على التاريخ .....وأين الخنجر والقوم يحاربون تحت لوائه رحمه الله تعالى ولم يتأخرالتجانيون عن الجهاد بأموالهم وأنفسهم مع الأمير حتى بعد أن هاجمهم والأمير عبد القادر رحمه الله تعالى هو الذي هاجمهم ولم يرفعوا في وجهه سلاحا وإنما دافعوا عن أنفسهم .إهـ
ويقول عبد الباقي مفتاح في تأليفه : أضواء على الشيخ أحمد التجاني وأتباعه ص 203 : لما دخلت الجيوش الفرنسية للوطن وتزعم الأمير عبد القادر المقاومة في الغرب الجزائري أعانه {أي سيدي محمد الحبيب رضي الله عنه } بالأموال والأنعام {وفي هامش الكتاب : وجاء في مخطوط كتبه أحمد بن عاشور السمغوني - وهو أحد أصحاب الشيخ التجاني- لا يزال موجودا في زاوية عين ماضي ويقع في 146 ورقة أن محمد الحبيب أمد الأمير في عام 1253هـ بمائة وإحدى وثلاثين ناقة وألف دورو ومائتي حمل من الخروف وحصان وخادم من عند عائلة الأرباع كما ساهم أولاد زيان وهم العائلة الثانية في عين ماضي بمائة ناقة وألف دورو ورأسين من الغنم ومائة حمل من الخروف في دفع أولاد سيدي إبراهيم – وكلهم من عين ماضي – ستين ناقة .ويؤثر على محمد الحبيب أنه أخرج على أهل عين ماضي اثني عشر ألف ريال وفرس وخادمين سنة 1254هـ /1838م راجع الصفحتين 8و9 من المخطوط المذكور . } إلى أن وقعت معاهدة التافنا المعروفة بين الأمير وفرنسا في 30 ماي 1837م وبعدها حاول الأمير توحيد كل مناطق البلاد التي لم يصل إليها النفوذ الفرنسي تحت قيادته .وهنا بدأ الخلاف بينه وبين محمد الحبيب الذي كان يرى أنه غير ملزم بالدخول تحت حكمه خصوصا وأن جهاده قد توقف فعزم الأمير حينئذ على محاربته حتى يذعن له .ولنترك الكلمة الآن إلى صاحب كتاب {حياة الأمير عبد القادر } وهو يقول في الفصل التاسع متحدثا على حوادث سنة 1838م 1254هـ : إن عين ماضي طالما حاصرها الأتراك في السابق ولكنهم كانوا في كل مرة يفشلون ....وقد كانت عين ماضي تحتوي على ثلاثمائة منزل فقط ....... ففي 12 جوان 1838م توجه إلى عين ماضي {أي الامير عبد القادر} على رأس جيش قوامه 6000 فارس و3000 راجل وستة مدافع هاون وثلاثة مدافع ميدان .....فقد طوقهم جيش عبد القادر وجعلهم محصورين داخل الأسوار ذلك أن السلطان قد أمر بقطع جميع الأشجار ونصب المدافع في الأمكنة التي خلت من الأشجار وهكذا بدأ إطلاق النار وفي اليوم الرابع أعلن المهندس الأوربي { وهذا دليل على كون الأمير عبد القادر يستعين بالخبرة الأجنبية وهذا الأوربي هو الجاسوس الخائن ليون روش الذي كان يقود هذه العملية وتولى بنفسه قيادة فرقة الكراغلة ووضع خطة الحصار} الذي كان يقود هذه العملية أنه يمكن الإجتياز إلى الداخل من الثغرات التي أحدثت في السور .....ولكن الثغرات وجدت مسدودة في صباح اليوم التالي واستمرت عملية فتح الثغرات وسدها دواليك وفي اليوم الخامس عشر تحدى عبد القادر خصمه التيجيني أن يخرج لمبارزته أمام الجيشين اللذين يشهدان هذا اللقاء واقترح عليه أن مصير عين ماضي يتوقف على نتيجة المبارزة ولكن التيجيني بالرغم من فتوته وشجاعته فضل الحذر ورفض اللقاء ولم يسع عبد القادر إذا سوى أن يبدأ الحفر وفي الوقت المناسب وصل الحفر إلى السور ولكن التيجيني رد بحفر من جانبه وخلال ذلك وقعت عدة اشتباكات هامة وبهذه الطريقة استمر الحصار عدة شهور ......وكان قلق عبد القادر شديدا لقد سبق له في كثير من المناسبات أن واجه الصعوبات والمشاكل ولكن لم يسبق له أبدا أن دخل في صراع له عواقب هامة كهذا الصراع {{ وفي هذا الوقت بعث الأمير برسالة إلى سيدي محمد الحبيب لا تزال إلى الآن محفوظة في زاوية عين ماضي يرجوه فيها أن يبعث له ابنه أحمد كرهينة ويرفع الحصار ولا يمس الرهينة سوء وذلك حتى لا يقول الناس أن الأمير قد فشل وغلب على أمره }} إنه يعلم إن إعترف بفشله برفع الحصار فإن جميع الصحراء ستبقى خارجة عنه.......وفي هذه اللحظات الحرجة اتصل عبد القادر دون انتظار ببعض إمدادات جديدة من الذخيرة وثلاث مدافع حصار من حلفائه الفرنسيين {{ ولم تساعد فرنسا الأمير عبد القادر في حربه ضد سيدي محمد الحبيب إلا ليقينها بعداوته لها}} ....وفي السابع من نوفمبر 1838م وقعت معاهدة بينه وبين مصطفى بن التهامي صهر السلطان وبمقتضى هذه المعاهدة تعهد التيجيني بالجلاء عن عين ماضي خلال ثمانية أيام وأن يذهب مع عائلته وأتباعه إلى الأغواط .إهـ
وفي كتاب تحفة الزائر لإبن الأمير عبد القادر أعطى تفصيلا أدق للمعاهدة فقال : إن الأمير سار إلى عين ماضي في 18 ربيع الأول 1254{12يونيو 1838م} ثم كتب : وفي 18 نوفمبر بعث التيجيني إلى السيد الحاج مصطفى بن التهامي خليفة الأمير يستأمن على نفسه وأهله وسائر أهل الحصن ومن حضره من الحشود وطلب مهلة أربعين يوما يتأهب فيها للإنتقال والجلاء عن الحصن فعرض الخليفة ذلك على الأمير فأجابه على شروط إلى أ، قال : وخلال تنفيد المعاهدة تبينت للأمير حقيقة محمد الحبيب وعرف فضله وندم على نزاعه معه فرد إليه ابنه أحمد الذي بعثه إليه كرهينة وأرسل معه هدايا ورسالة لا تزال نسختها الأصلية محفوظة بزاوية عين ماضي وها هي صورة منها وهي مكتوبة بخط يد الأمير وعليها خاتمه وهي غنية عن التعليق ونصها : الحمد لله وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم وبعد إلى اسيد محمد الحبيب ابن العلامة السيد أحمد التجاني لقد وصلني جوابك الذي لا إيماء بعده وبعد أن عجزت عن الولوج داخل حصنكم وبعد أن أدركت حقيقتكم وعلمت أن ما دار بيننا إنما هو وشاية فقط وتدخل الفتانين بيننا ولهذا فإني أرجوا عفوكم عنا وهذه هدية متواضعة تصلكم مع ابنكم أحمد عساها تجدد الروابط الأخوية بيننا من الفقير إلى مولاه الفاني كثير الذنوب والأمني عبد القادر بن محي الدين المصطفى بن المختار عامله الله بلطفه في الدنيا ودار القرار .ثلاث وعشرون من ذي القعدة عام أربعة وخمسين ومائتي وألف .والسلام . ومن ضمن الهدية التي بعثها الأمير لمحمد الحبيب علمين وسيف مذهب وأما الفتانون الذين ذكرهم الأمير في رسالته والذين أفسدوا علاقته مع محمد الحبيب فكان على رأسهم الحاج العربي ابن الحاج عيسى وخصوصا الجاسوس الفرنسي الخائن ليون روش الذي أرسله الأمير إلى محمد الحبيب ليتفاوض معه .إهـ
براءة سيدي محمد الحبيب رضي الله عنه
ملفات خاصة
سيدي العربي ابن السايح
براءة سيدي محمد الحبيب رضي الله عنه
الشيخ محمد الحافظ التجاني رضي الله عنه
سيدي الحاج عمر الفوتي