منتدى الحضنة للعلم والمعرفة
اهلا بك في منتدي الحضنة للعلم والمعرفة
منتدى الحضنة للعلم والمعرفة
اهلا بك في منتدي الحضنة للعلم والمعرفة
منتدى الحضنة للعلم والمعرفة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى الحضنة للعلم والمعرفة

free
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  تسجيل دخول الاعضاءتسجيل دخول الاعضاء  
 photo ss-6.gif
قرآن كريم
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
walid
نص مسرحية :لا أحد يصمت . . . لا أحد يتكلم Vote_rcapنص مسرحية :لا أحد يصمت . . . لا أحد يتكلم Voting_barنص مسرحية :لا أحد يصمت . . . لا أحد يتكلم Vote_lcap 
aramnet
نص مسرحية :لا أحد يصمت . . . لا أحد يتكلم Vote_rcapنص مسرحية :لا أحد يصمت . . . لا أحد يتكلم Voting_barنص مسرحية :لا أحد يصمت . . . لا أحد يتكلم Vote_lcap 
Soumonov ALLIA
نص مسرحية :لا أحد يصمت . . . لا أحد يتكلم Vote_rcapنص مسرحية :لا أحد يصمت . . . لا أحد يتكلم Voting_barنص مسرحية :لا أحد يصمت . . . لا أحد يتكلم Vote_lcap 
malik yahya
نص مسرحية :لا أحد يصمت . . . لا أحد يتكلم Vote_rcapنص مسرحية :لا أحد يصمت . . . لا أحد يتكلم Voting_barنص مسرحية :لا أحد يصمت . . . لا أحد يتكلم Vote_lcap 
issam boutaraa
نص مسرحية :لا أحد يصمت . . . لا أحد يتكلم Vote_rcapنص مسرحية :لا أحد يصمت . . . لا أحد يتكلم Voting_barنص مسرحية :لا أحد يصمت . . . لا أحد يتكلم Vote_lcap 
zaki zidane
نص مسرحية :لا أحد يصمت . . . لا أحد يتكلم Vote_rcapنص مسرحية :لا أحد يصمت . . . لا أحد يتكلم Voting_barنص مسرحية :لا أحد يصمت . . . لا أحد يتكلم Vote_lcap 
أمين المقراوي
نص مسرحية :لا أحد يصمت . . . لا أحد يتكلم Vote_rcapنص مسرحية :لا أحد يصمت . . . لا أحد يتكلم Voting_barنص مسرحية :لا أحد يصمت . . . لا أحد يتكلم Vote_lcap 
laidm88
نص مسرحية :لا أحد يصمت . . . لا أحد يتكلم Vote_rcapنص مسرحية :لا أحد يصمت . . . لا أحد يتكلم Voting_barنص مسرحية :لا أحد يصمت . . . لا أحد يتكلم Vote_lcap 
عبد الحميد بدار
نص مسرحية :لا أحد يصمت . . . لا أحد يتكلم Vote_rcapنص مسرحية :لا أحد يصمت . . . لا أحد يتكلم Voting_barنص مسرحية :لا أحد يصمت . . . لا أحد يتكلم Vote_lcap 
azize el madrigal
نص مسرحية :لا أحد يصمت . . . لا أحد يتكلم Vote_rcapنص مسرحية :لا أحد يصمت . . . لا أحد يتكلم Voting_barنص مسرحية :لا أحد يصمت . . . لا أحد يتكلم Vote_lcap 
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
تصويت
التبادل الاعلاني
المواضيع الأكثر نشاطاً
مكتبة الجرائد الجزائرية
Adobe Premiere Pro 2.0 Portable برابط ميديافاير يعدعم الاستكمال mediafire
تحميل برنامج Avira Internet Security 2012 12.0.0.860
تحميل كتاب مذكرات taher zbiri هنا(نصف قرن من الكفاح)
طريقة صنع كحل جدتي وأمي
الله يهدينا على الفيس بوك واش دار فينا
لغز من يحله؟
مذكرات سنة اولى ابتدائي
يا ليت الزمن يعود الى الوراء
اقسم بالله انك ستلبسين الحجاب
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 10 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 10 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحث

لا أحد

أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 84 بتاريخ الجمعة نوفمبر 15, 2024 7:06 pm
نوفمبر 2024
الإثنينالثلاثاءالأربعاءالخميسالجمعةالسبتالأحد
    123
45678910
11121314151617
18192021222324
252627282930 
اليوميةاليومية

 

 نص مسرحية :لا أحد يصمت . . . لا أحد يتكلم

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Soumonov ALLIA
عضو برونزي




الاوسمة : وسام التميز
عدد المساهمات : 425
نقاط : 791
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 05/09/2011
العمر : 37

نص مسرحية :لا أحد يصمت . . . لا أحد يتكلم Empty
مُساهمةموضوع: نص مسرحية :لا أحد يصمت . . . لا أحد يتكلم   نص مسرحية :لا أحد يصمت . . . لا أحد يتكلم Icon_minitimeالأحد ديسمبر 16, 2012 6:19 pm

ب
سم الله الرحمان الرحيم :

لا أحد يصمت . . . لا أحد يتكلم.
فلاح عبد حمدون، كاتب ومخرج عراقي، يُعتَبَر من أبرز وجوه المسرح العراقي من جيل الشباب، وهو في هذا النص يكشف النقاب عن واقع المجتمع العراقي في السنوات الأخيرة بأسلوب كوميدي يوظف عنصر السخرية فيه لتسليط الضوء على بعض سلبيات العلاقة غير السوية بين شرائح المجتمع بحكامه ومحكوميه
لتحرير
ترتفع الإضاءة على خشبة المسرح لنشاهد ديكوراً بسيطاً يشير إلى غرفة تحقيق في مركز شرطة.. منضدة في وسط المسرح، ومصطبة في يسار الخشبة، وعلى الجدران مجموعة من الإعلانات التي تحتوي على صور مجرمين، وأوراق مدون عليها بعض التعليمات تتناثر على المنضدة والأرض.. مجموعة من الملفات متنوعة الأشكال والأحجام.. الوضع يدل على الإرباك وعدم التنظيم .
الشرطي : (يدخل ويلقي التحية العسكرية بقوة) انتباه .

(يدخل المحقق وهو منزعج.. يصطدم برؤية صورة مجرم أمام وجهه.. يخرج الشرطي)

المحقق : يا ستار.. يا لطيف.. ما هذا الوجه الذي أفتتح فيه الدوام المسائي.. اللهم استرنا يا رب (يجلس خلف المنضدة ويقلب بعض الأوراق)

(يدخل الكاتب وهو يحمل مجموعة ملفات تكاد تغطي وجهه بحيث لا يرى طريقه.. يحاول أن يضعها على طاولة المحقق الذي ينبهه)

المحقق : (بانزعاج) ما هذا؟! انتبه أين ستضع أوراقك .

الكاتب : (بتعجب) من سيدي المحقق! (يرمي الملفات من يده ليلقي التحية العسكرية فتتساقط الأوراق على الأرض) عفواً سيدي (وهو مرتبك) عفواً .

المحقق : ما هذا؟ ألا تنتبه إلى خطواتك؟.. كم أكره هذا الدوام المسائي .

الكاتب : وأنا كذلك (وهو يضع الأوراق على المنضدة ويضع رأسه عليها) لأنه يحرمني من قيلولتي .

المحقق : ما هذه الملفات والأوراق؟

الكاتب : إنها قضايا المواطنين وملفاتهم .

المحقق : (بانفعال) قضايا المواطنين يجب علينا إنجازها بأسرع وقت وإلا تجاوزنا الخط الأحمر.. دعنا نطلع عليها .

الكاتب : لك ذلك (يبدأ بقراءة عناوين الملفات) هذا الملف عن اغتيال عالِم، وهذا ملف آخر عن خطف طفل، وأما هذا فعن سرقة آثار، أما هذا فعن اغتيال مدرِّسة، وهذا مطلوب منا التحقق من هوية مجموعة من الجثث لعمال مجهولي الهوية، وهذا عن انفجار داخل روضة للأطفال .

المحقق : مهلاً.. كل هذه القضايا علينا التحقيق فيها؟!

الكاتب : نعم، وهناك الكثير .

المحقق : حسناً، لنبدأ إذاً (يرن جرس الهاتف.. يلتقط السماعة.. ينهض ويستعد) نعم سيدي.. أمرك سيدي.. سأبذل كل جهدي سيدي.. نحن طوع أمرك.. مع السلامة (يضع سماعة الهاتف من يده.. إلى الكاتب) أترك كل ما في يدك وافتح ملفاً جديداً .

الكاتب : (باستغراب) ماذا! وقضايا المواطنين المتراكمة؟

المحقق : لا يهم.. إفعل ما أقوله لك.. ألم تسمع الاتصال؟ هنالك قضية مهمة علينا التحقيق فيها .

الكاتب : لا يهم.. لا يهم (يرمي كل الملفات على الأرض) ومتى كان الأمر مهمّاً؟

المحقق : ماذا فعلت؟

الكاتب : ألم تقل لي لا يهم؟

المحقق : قلت لك أتركها وليس ارمِها .

الكاتب : هذا ما نفعله دائماً بقضايا المواطنين.. نتركها ونركنها جانباً .

المحقق : هذا ما علينا فعله.. بالتأكيد القضية من الأهمية ما يجعل السيد المسؤول يتصل بنفسه ليؤكد عليها.. قد تكون القضية تخص الوطن والمواطن .

(تحدث ضجة في الخارج.. يدخل الشرطي على إثرها)

الشرطي : وصلت مجموعة من حرس السيد المسؤول ومعها المتهمون والشهود .

المحقق : حسناً.. أدخل لي أول متهم .

(يدخل الشاهد وزوجته الحامل وهي تتأوه)

الشاهد : (تبدو عليه الحيرة.. يحاول مصافحة الكاتب الذي لا يعيره أهمية) عفواً سيدي الشرطي.. عفواً سيدي المفوض .

المحقق : إذن أنت هو المتهم .

الشاهد : أنا.. كلا.. كلا.. أعوذ بالله.. لستُ متهماً.. كلا يا سيدي .

المحقق : لا تنكر من البداية وإلا... (يلوح له بسبابته)

الشاهد : سيدي.. أنا الشاهد .

المحقق : أي شاهد؟!

الشاهد : شاهد الحادثة التي وقعت في الشارع قرب منزل المسؤول، وهذه زوجتي .

المحقق : تفضلا بالجلوس.. حسناً.. هل شاهدتَ الحادثة؟

الشاهد : أجل يا سيدي المحقق.. أنا وزوجتي (إلى زوجته) أليس كذلك (الزوجة لا تجيب، بل تهز برأسها من الألم) أترى؟ إنه لأمر مرعب.. عمري خمسة وثلاثون عاماً، وهذه أول مرة يحدث لي مثل هذا .

المحقق : بلا انطباعات لا فائدة منها.. اروِ لنا ما شهدتَ باختصار .

الشاهد : تصور يا سيدي.. في هذا الصباح ولدى خروجنا من المنزل أنا وزوجتي لنتنزه قليلاً قبل موعد الطبيب...

المحقق : تتنزهان في مثل هذه الظروف؟

الشاهد : نعم.. وما الغريب في الأمر؟ فزوجتي حامل كما ترى وتحتاج إلى أن تتمشى، وأنا سأساعدها في ذلك (يقترب من المحقق ويشاوره) هذه ثالث مرة تدّعي فيها أنها حامل، وفي كل مرة يظهر حملها كاذباً .

الزوجة : ماذا قلتَ له؟

الشاهد : لا شيء.. بينتُ له مدى حبي لك (إلى المحقق) أليس كذلك؟

المحقق : بالطبع.. أكمل .

الشاهد : أبصرتُ عربة تحمل عبوات الغاز تسير على جانب الرصيف .

المحقق : أي رصيف؟

الشاهد : الرصيف المقابل .

المحقق : وأنت على أي رصيف كنت؟

الشاهد : كنتُ على الآخر.. أقصد الرصيف الآخر.. كلا، أقصد نفس الرصيف يا سيدي .

المحقق : استمر .

الشاهد : كان سائق العربة نائماً فوق مقعده، وبالطبع كان الحمار يسير على هواه .

الزوجة : (تقاطع) تصور يا سيدي، عربة يجرها حمار على هواه.. حرية.. حرية يا سيدي .

الشاهد : ولهذا يا سيدي ارتبتُ من أمره لأن شكله كان يدل على التكتم .

المحق : الحمار؟!!!

الزوجة : كلا، بل السائق .

الشاهد : تصور كيف يكون شأن من يسلم أمره لحمار.. ينبغي لي أن أقول لك أنني شديد الملاحظة ورأيتُ من فوري أن له شارباً كثيفاً وطويلاً .

المحقق : الحمار؟!!!

الزوجة : كلا، السائق .

الشاهد : وفي هذه اللحظة بالذات قفزتُ لأوقفه .

المحقق : السائق؟!!!

الزوجة : كلا، الحمار يا سيدي .

الشاهد : فسببتُ له الخوف .

المحقق : للحمار؟!!!

الزوجة : كلا، بل السائق يا سيدي .

المحقق : السائق تولاه الخوف؟! ولكنك قلتَ لي إنه كان نائماً!

الشاهد : يا سيدي، الأمر في غاية الصعوبة، وعليّ أن أتذكر كل شيء، فأنا حريص على قول الحقيقة، وكما قلت لك، فأنا شديد الملاحظة ودقيق في التفاصيل .

المحقق : حسناً.. استمر .

الشاهد : وفي الحال أخذ يصرخ .

المحقق :الحمار؟!!!

الزوجة : لا، السائق .

المحقق : السائق أخذ يصرخ ليوقف الحمار؟!!!

الشاهد : بل صاح (يقلد بائع الغاز) غاز.. غاز .

المحقق : كفى.. ما هذا الهراء؟

الشاهد : أنت يا سيدي أردتَ أن تعرف الحقيقة، وأنا أرويها لك بتفاصيلها .

المحقق Sadمهدداً) اسمع.. إذا لم تتكلم بشكل واضح سأعتبرك متهماً وأزج بك في السجن .

الشاهد : حسناً.. حسناً.. سأكمل.. ونظر إليّ، وكانت نظراته مرعبة .

المحقق : نظرات السائق؟

الشاهد : لا، بل الحمار .

المحقق : لا يهم.. استمر .

الشاهد : سألت السائق : بكم تبيع؟ فأنا أعرف هؤلاء الناس، فهم يبيعون على هواهم ولا يلتزمون بتسعيرة الدولة التي تحددها لهم، فهم يستغلون الناس، وخاصة في أوقات الأزمات .

الزوجة : وما أكثرها.. وأنت تعرف، لا قانون يطبَّق، ولا سلطة تحاسب .

المحقق : (يتجاهلها ويستمر مع الشاهد) وزوجتك، ألم تأخذها إلى الطبيب؟

الشاهد : زوجتي يمكن أن تنتظر، فنحن ننتظر منذ زمن طويل، أما الغاز فلا .

المحقق : كفى.. لا داعٍ لهذا الكلام.. استمر .

الشاهد : أمرك سيدي.. اتفقنا على الثمن، فعدتُ إلى البيت الذي هو على الرصيف الآخر.. أقصد الرصيف المقابل لأحضر العبوة الفارغة، وأثناء ذلك نزل البائع من العربة وأنزل معه العبوة المملوءة بالغاز، وما كدتُ أن أنتهي من عبور الشارع حتى أتى رتل من المدرعات العسكرية كان يسير مسرعاً كأنه البرق، فأطلق السائق بوقاً ذا صوت عالٍ.. أرعبني صوته .

المحقق : سائق العربة هو الذي أطلق المنبه؟

الشاهد : بل سائق المدرعة يا سيدي .

الزوجة : وهل يجرؤ أحد على فعل ذلك إلا سائق المدرعة؟

الشاهد : وانطلق يعدو مسرعاً .

المحقق : سائق المدرعة؟

الشاهد : بل الحمار يا سيدي، فلقد ارتعب من صوت المنبه وأخذ يجر العربة معه فصعد على الرصيف وسارت العربة : عجلة على الرصيف، والأخرى في الشارع، وفجأة حدث ما لم يكن في الحسبان، فقد صادف وجود رجل عجوز يسير على عكازته، فأراد أن يوقفه .

المحقق : الرجل العجوز؟!

الشاهد : كلا، السائق الذي لحق بالحمار ليوقفه حتى لا يصطدم بالرجل العجوز، فأشار إليه.

المحقق : كيف يشير إليه وهو يركض من ورائه، والعربة والحمار مسرعين أمامه؟!

الشاهد : كلا، العجوز هو الذي أشار بالعكاز للحمار ليوقفه، فنزل إلى الشارع .

المحقق : العجوز هو الذي نزل إلى الشارع؟

الشاهد : كلا، بل إن الحمار أراد أن يهرب من العجوز فسقط المسكين وتحطم عكّازه .

المحقق : (بانفعال) الحمار هو الذي سقط وتحطم عكازه؟!! ماذا تقول؟!

الكاتب : (ينهض) توقفا.. لا أستطيع اللحاق بكما .

المحقق : (ينهار على كرسيه) لم أعد أفهم شيئاً .

الشاهد : بالطبع يا سيدي، فأنت لا تدعني أشرح لك الأمر.. ينبغي أن أقول إن السائق كان مستقيماً جداً وشديد المراعاة، فقد توجّه إلى الرجل العجوز ولمَّ الحطام .

المحقق : بالطبع حطام الرجل العجوز .

الشاهد : كلا، ما بك؟ بل حطام عكازته.. وفجأة حدث تبادل إطلاق النار .

المحقق : (ينهض بانفعال) من بدأ أولاً؟ ومن أين لهم بالسلاح؟ هيا، قل، تكلم، من قتل من؟

الشاهد : لا أعرف .

المحقق : ألستَ شاهداً؟ أين كنتَ عندما حدث تبادل لإطلاق النار؟

الشاهد : كنتُ في البيت .

المحقق : ماذا؟! كيف ذلك؟!

الشاهد : أأنا مجنون حتى يحدث إطلاق نار وأقف أتفرج؟ لقد دخلنا البيت منذ أن شاهدتُ الرتل العسكري، فلا أحد يأمن على حياته عند مرورهم من أمامه، فكيف إذا حدث إطلاق نار؟

المحقق : إذاً من أين أتيتَ بهذه المعلومات؟

الشاهد : من ثقب الباب .

المحقق : ماذا؟!

الشاهد : نعم، من ثقب الباب .

الزوجة : نحن لا نفوِّت حدثاً مهماً كهذا، ولكن حيث حدث إطلاق النار سحبتُه إلى الداخل خوفاً من أن يصيبنا إطلاق النار .

المحقق : كيف عرفتَ بأن البائع والعجوز تبادلا إطلاق النار؟

الشاهد : لا أعرف.. اسألهما .

المحقق : أسأل مَن؟

الشاهد : بائع الغاز والرجل العجوز .

المحقق : أهما حيّان ولم يموتا؟

الشاهد : أجل، وهما معنا في الخارج .

المحقق : كيف ذلك؟ يتبادلان إطلاق النار ولم يصب أحدهما الآخر؟

الشاهد : أنا لم أقل ذلك.. أنا قلتُ فجأة حدث تبادل لإطلاق النار.. من أطلق على مَن ومن قتل مَن، لا أعرف .

المحقق : (لا يزال على غضبه ينظر إلى الأوراق بيد الكاتب) ما هذا؟ ما الذي تفعله؟

الكاتب : أكتب يا سيدي .

المحقق : (يرفع الأوراق وينظر فيها) ما هذه الشخابيط؟ أتسمي هذه كتابة؟

الكاتب : ليس ذنبي يا سيدي، فالشاهد يغيّر في كلامه ولا يستقر على أمر ما.. مرة حمار، وأخرى السائق، وأنا أضطر للشطب .

المحقق : (بعصبية إلى الشاهد) سأعتبرك متهماً ولن أرحمك .

الشاهد : (بخوف) اسمع يا سيدي.. أنا إنسان بسيط ولا أتدخل في أي خلاف وليس لي أعداء، بل حتى لا أملك أصدقاء.. لقد جاؤوا بنا أنا وزوجتي إلى هنا وقالوا أنت شاهد، على ماذا؟ لا أعرف (مع نفسه) ما الذي أخرجكَ من البيت؟ اللعنة على الغاز وعلى من يصنع الغاز وعلى من يستعمله (يستدرك) أقصد نفسي طبعاً.. أنا لم أكن بحاجة إلى غاز لأطبخ الطعام، أو حتى لنتدفأ، فنحن لسنا جياعاً لنأكل.. المهم حصلنا على الحرية، فهذا زمن الحرية لا زمن الطعام.. اللعنة على بطوننا التي لا تشبع.. لقد أتعبنا أنفسنا وأتعبنا الناس الذين جاؤوا لإنقاذنا بمطالبنا التي لا تنتهي : غاز.. بانزين.. كهرباء.. ماء.. عمل.. ما الفائدة في أن أكون شاهداً أو حتى مواطناً في زمن تاهت فيه كل المقاييس.. كنتُ شاهداً فأصبحتُ متهماً.. اسمع يا سيدي.. إن جاءني توأم فسأسميه حرية وديمقراطية.. دعني أقول لك (بهلوسة) ما حدث بالضبط توقف الحمار.. لا، لا، أقصد السائق.. كان خائفاً.. الحمار.. لا.. الرجل العجوز.. أقصد أنا كنت خائفاً، وفجأة جاء الرتل العسكري فصعد على الرصيف.. لا.. السائق هو الذي صعد.. أقصد الحمار هو الذي نزل.. أنا أحاول قول الحقيقة ولا أريد أن أخفيها (ينهار، والزوجة تحاول تهدئته)

المحقق : كفى.. كفى.. أيها الشرطي، خذ السيد وزوجته إلى الخارج (يخرجان برفقة الشرطي.. يرن جرس الهاتف.. يلتقط السماعة.. ينهض فزعاً) ألو.. نعم.. أمرك سيدي.. سأجري اللازم وفي أسرع وقت.. أمرك (يضع السماعة) يطلبون السرعة في كل شيء ولأي شيء.. لا أفهم (ينادي) أيها الشرطي (يدخل الشرطي) استدعِ لي سائق العربة (يخرج الشرطي ويدخل برفقة سائق العربة)

المحقق : إذن أنت سبب المشكلة؟ أنت المتهم.

البائع : أنا لستُ متهماً.. أنا لم أفعل شيئاً .

المحقق : لا تنكر.. لقد جلبك الحراس من موقع الجريمة .

البائع : قلتُ لك لم أفعل شيئاً سوى أنني أوقفتُ العربة لكي أبيع عبوات الغاز .

المحقق : ماذا؟! أوقفتَ العربة؟!

البائع : أجل، وهل هذه جريمة؟

المحقق : بالتأكيد ليست جريمة، ولكن ما فعلته أخطر من ذلك بكثير.. حسناً، اروِ لي الحادثة بالتفصيل .

البائع : كل ما هنالك أنني كنتُ أسير بعربتي التي يجرها حماري العزيز لأبيع عبوات الغاز، فأنا أبدل العبوات الفارغة بأخرى مليئة .

المحقق : لا داعٍ لتشرح لي طبيعة عملك.. استمر .

البائع : وحدث...

المحقق : ها؟ ماذا حدث؟

البائع : حدث بأن أشار أحدهم لي بالتوقف ليشتري مني عبوة غاز .

المحقق : استمر.. استمر .

البائع : وتوقفتُ لأعطيه ما يطلب.. هذا فقط.

المحقق : أتعني أنك لم تتشاجر معه؟

البائع : لا، أبداً .

المحقق : وهل اشترى منك؟

البائع : كلا، فقد اختفى بينما كنتُ أجهز له العبوة المليئة.. أعتقد أن السعر لم يعجبه .

المحقق : لم يعجبه السعر أم أنه ارتاب بك ومن تصرفاتك التي تخفي وراءها أفعالاً خطيرة .

البائع : أعوذ بالله.. لم أفعل سوى ما قلتُه لك.

المحقق : هل تتغابى أم تحسبنا مغفلين؟

البائع : عفواً سيدي.. لم أقصد ذلك .

المحقق : وتعمدك إخفاء الحقيقة؟

البائع : أية حقيقة؟

المحقق : حقيقة ما حصل.. مشاجرتك مع الرجل العجوز وتحطيمك إياه، ومن ثم إطلاق النار عليه أيها المجرم .

البائع : مجرم؟!

الكاتب : (يتدخل) نعم مجرم يا من توقظنا في الصباح الباكر ولا تراعي أحداً حتى وإن كان يوم إجازة وأنت تصيح غاز غاز.. كم وددتُ لو أمسك بك، وها أنت تقع في يدنا يا مجرم .

المحقق : اعترف قبل أن أجبرك على الاعتراف .

البائع : لا داعٍ لفعل ذلك.. سأقول وأمري إلى الله.. ما حدث أنني عندما كنتُ أنزل عبوة الغاز وبينما الشاري يعبر الشارع جاء رتل من مدرعات عسكرية فأطلقوا صفارة التنبيه وكانت عالية جداً وبشكل مرعب مما أفزع حماري وجعله يهرب من الشارع متجهاً نحو الرصيف.. حاولتُ إيقافه بالصراخ عليه، إلا أن خوفه كان كبيراً.. وكان على الرصيف رجل عجوز يسير بعكازه حاول إيقافه إلا أنه فشل لأن الحمار خاف أكثر من عكاز العجوز فنزل إلى الشارع مرة أخرى وتوقف بعد أن انكسر مفصل العجلة وحطم عكاز الرجل العجوز.. وأقسم بالله أنني عاقبتُه على فعلته تلك وشددتُ اللجام بقوة وصحتُ به، حتى أنه من شدة السحب أخذ ينهق، وإن كنتَ لا تصدق اسأله .

المحقق : ماذا؟! أسأل الحمار؟!

البائع : لا، الرجل العجوز .

المحقق : الذي تشاجرتَ معه؟

البائع : أنا لم أتشاجر معه، بل ساعدتُه على النهوض بعد سقوط عكازه، وقد اعتذرتُ منه وقبل اعتذاري.. وأقسم لك أن الأمر لم يكن بيدي، فقد تحرك الحمار من مكانه بإرادته.. حمار، ماذا أفعل له؟

المحقق : ولمَ أطلقتَ النار على الرجل العجوز إذا كنتَ تساعده؟

البائع : أنا لا أملك سلاحاً لأطلق منه النار، ولا حاجة لي به لأفعل ذلك .

المحقق : أتقصد أن من أطلق النار كان الرجل العجوز؟

البائع : لا أنا ولا ذلك المسكين.. من أطلق النار هم الجنود الذين في المدرعات العسكرية، فهم كانوا يطلقون النار بشكل عشوائي بقصد أو دون قصد، وقد تعودنا عليه، وأنتم تعرفون ذلك، ولولا أنني كنتُ ممسكاً بالحمار بشكل جيد لحدث أسوأ من ذلك .

المحقق : حسناً.. أكمل .

البائع : لا شيء.. وقفنا جامدين إلى أن انتهى إطلاق النار واختفى الرتل، وإذا بالحرس المتواجدين في الشارع أتوا إلينا مسرعين وألقوا القبض علينا وعلى المسكين .

المحقق : على الرجل العجوز؟!!

البائع : لا، الحمار، فقد ربطوه بالحبل وألبسوه كيساً أسود كأنه مجرم واقتادوه إلى مركز الشرطة وأنا أنظر إليه.. المسكين كانت الحراسة مشددة عليه .

المحقق : الرجل العجوز؟!

البائع : (ضاحكاً) لا، الحمار .

المحقق : وماذا بعد ذلك؟

البائع : لا شيء.. وها أنا واقف أمامك أضحك .

المحقق : اسمع.. أن كنتَ تكذب عليّ سيكون عقابك شديداً .

البائع : أنا لا أكذب بل أضحك .

(تدخل المرأة الحامل وهي تتأوه، ويركض وراءها الزوج والشرطي.. تدور في أرجاء المسرح وتدعي أنها ستنجب الآن.. تخرج هي وزوجها)

المحقق : (يصرخ) كفى.. ما هذه الفوضى؟ أيها الشرطي خذ هذا الرجل وضعه مع الآخرين (البائع يستمر بالضحك) كفى.. اقفل فمك (إلى الشرطي) استدعِ لي الرجل العجوز .

الشرطي : أمرك سيدي (يخرج.. يدخل الرجل العجوز ومعه عكاز مكسور وهو في حيرة من أمره)

العجوز : (بانفعال) كيف ذاك؟ إذا كنتُ أنا فاعل خير ومتضرراً فلماذا يلقون القبض عليّ كالمجرمين؟ ما الذي فعلتُه؟ ثم إني سامحتُه ولا أريد منه شيئاً.. لا أريد.. أخبرني، ماذا هناك؟ ولماذا أنا هنا؟

المحقق : فعلاً (يستدرك) لا تأخذنا بالصراخ وتدّعي البراءة.. أذكر لي الحادث بالتفصيل وإلا أودعتُك السجن لإخفائك الحقائق وتعاونك مع المجرم .

العجوز : مجرم!! ومن هو؟!

المحقق : بائع الغاز .

العجوز : وما الذي فعله؟

المحقق : أنت من سيروي لنا ما جرى .

العجوز : رغم أني لا أرى أية مشكلة ولكن سأروي لك ما حدث وأنت تستخرج المشكلة .

المحقق : (إلى الكاتب) دوِّن كل ما يقوله .

العجوز : كنتُ أسير على الرصيف وإذا بحمار يجر العربة يندفع نحوي فخفتُ وصرختُ بأعلى صوتي : قف، قف، فلم يتوقف.. المسكين كان مرعوباً من الرتل العسكري الذي يمر في الشارع.. تصور يا سيدي، حتى الحيوانات كانت تخاف من سيرهم وطيشهم وهم لا يقيمون اعتباراً لا لحيوان ولا لإنسان ولا لمريض مثلي .

المحقق : لا حاجة لذلك.. أكمل .

العجوز : ولولا فضل الله وحفظه لما نجوت .

المحقق : من الحمار طبعاً .

العجوز : لا، بل من الرتل العسكري، فهم كانوا يطلقون النار بشكل عشوائي .

المحقق : لا داعٍ للتكرار أو الدخول في مواضيع جانبية، فهذا خط أحمر لا يمكن تجاوزه (وهو ينظر إلى الكاتب) أليس كذلك؟

العجوز : خط أحمر أو أخضر، لا يهم، المهم أني نجوت، وإذا ببائع الغاز يركض ويساعدني في النهوض وقد اعتذر مني ولام الحمار على حركته تلك.. وبعد ذلك جاء الحراس وألقوا القبض عليّ وعلى البائع وجاؤوا بنا إلى هنا.. هذا كل ما في الأمر .

المحقق : (باستغراب) هذا فقط؟!

العجوز : أجل، هذا فقط .

المحقق : وهل شتمتَه؟

العجوز : كلا .

المحقق : وهل تكلم بكلام أغضبك؟

العجوز : لا أبداً، بل كان لطيفاً وطيب القلب معي .

المحقق : (بحيرة) ألم يحدث أي حادث آخر أو مشكلة أخرى؟

العجوز : كلا يا سيدي (صمت) سيدي، لما أنا هنا؟

المحقق : (يدور في أرجاء المسرح والكل يتابعه.. ينادي) أيها الشرطي (يدخل الشرطي) خذ الرجل ودعه مع الآخرين (يخرج الشرطي والرجل العجوز)

الكاتب : وما هو قرارك يا سيدي؟

المحقق : لا أدري، فهذه أغرب قضية تمر في حياتي، والغريب في الأمر أن لدي متهمين ولا أدري ما هي تهمتهم ولا أدري ما هي الجريمة التي ارتكبوها .

الكاتب : لماذا إذاً نحتجزهم وهم بلا تهمة؟

المحقق : تلك هي الأوامر ولا أستطيع سوى تنفيذها .

الكاتب : لما لا تسأل؟

المحقق : ماذا؟! أسأل؟! أأنت غبي؟ أسأل من؟ وهل هناك من سيجيبني؟

(يدخل الشرطي بشكل مفاجئ)

الشرطي : (بارتباك) سيدي، هناك أناس مهمون حضروا إلى المركز .

(تدخل مجموعة من الحراس فيقومون بتفتيش المكان، ثم يدخل ثلاثة رجال ذوي هيئة متكبرة ويتوجهون إلى مكتب التحقيق)

المحقق : أهلاً وسهلاً.. أنا رئيس لجنة التحقيق .

الثلاثة : (بجمود) ماذا فعلتَ بشأن القضية؟

المحقق : أنا لا زلتُ في طور التحقيق .

الأول : لما التأخير؟ ألم يجلبوا لك المتهمين؟

الثاني : لماذا لم تتخذ الإجراءات القانونية لحد الآن؟

الثالث : أجل، لمَ لم تفعل؟ القانون فوق الجميع.

المحقق : سيدي، المتهمون ينكرون ارتكابهم لأية جريمة .

الأول : طبعاً، لا يعترف الجاني بجنايته إلا بعد أن تضغط عليه وتواجهه بالأدلة المباشرة .

الثاني : القضية أكبر من أن تتولاها أنت .

الثالث : لذا نحن هنا .

المحقق : سيدي، ولكني حتى الآن لم أفهم ما هي...

الأول : (يقاطعه) سنتولى القضية وسنعرف من الجاني، فقد كنا في موقع الحدث وسمعنا صوت المجرم وهو يرتكب جريمته .

الثاني : لقد نغص علينا وليمتنا، أقصد اجتماعنا في منزل السيد المسؤول ولم نستطع أن نهنأ باجتماعنا الدسم .

الأول : اسمع أيها المحقق.. استدعِ المجرمين وسأتولى أمرهم .

المحقق : أمرك سيدي (يشير إلى الشرطي لإدخال المجرمين)

(يدخل بائع الغاز والشاهد وزوجته والرجل العجوز خائفين.. يقترب منهم الأول ويتطلع فيهم واحداً تلو الآخر.. يقف بقرب الشاهد)

الشاهد : (يبادر) أنا الشاهد .

الزوجة : وأنا زوجته .

بائع الغاز : وأنا بائع الغاز .

الرجل العجوز : وأنا لا شأن لي بأي شيء .

الأول : (بعصبية) من منكم صرخ وأفزع السادة المسؤولين المجتمعين داخل القصر وأوقفهم عن أداء مهماتهم الوطنية؟

الشاهد وزوجته والبائع والعجوز والمحقق والكاتب : (معاً.. باستغراب) ماذا؟!!!

الثاني : صراخكم في الشارع أوقف العملية السياسية التي تسير في البلد .

الثالث : نعم، فالفوضى التي قمتم بها أوقفت أهم اجتماع كان يعقده الساسة الأفاضل .

الأول : وحدث إرباك وتعطيل ولم يستطيعوا التوصل إلى حل أعقد مشاكل البلد، وتصرفكم هذا أوقف العربة السياسية فانحرفت عربتها عن المسار المرسوم لها .

العجوز : (باستغراب) كل هذا بسببنا؟!

الأول والثاني والثالث : نعم، وأكثر من هذا .

بائع الغاز : (إلى الرجل العجوز) قل لي، هل هناك عربة أخرى يقودها حمار غير عربتي؟

العجوز : أسكت.. ما هذا الكلام؟

البائع : هو يقول عربة وعجلة انحرفت عن مسارها .

العجوز : يقصد العربة السياسية التي تقود البلد، وهي كلمة مجازية لا تشبه عربتك.. أفهمت؟

البائع : (يهز برأسه) لا، لم أفهم شيئاً .

العجوز : ولكن يا سيدي كنا في الخارج ولا علم لنا بما يجري في الداخل .

البائع : نعم، كنا في الشارع العام .

العجوز : وعلى الرصيف الخارجي ولسنا داخل القصر .

الشاهد : أي والله، وأنا الشاهد .

الزوجة : وأنا زوجته .

الأول : لا يهم.. المهم أن رجال الأمن الذين يحرسون المكان شاهدوكم وأنتم تحدثون بلبلة وضوضاء بالقرب من سور القصر .

الثاني : وأنتم المتسببون بتلك الجريمة .

الثالث : هيا، فليعترف واحد منكم وإلا ألقينا بكم جميعاً في السجن .

الشاهد : يا سيدي، أنا الشاهد ولستُ متهماً .

الزوجة : وأنا زوجته .

البائع : كنا الوحيدين في الشارع، ولولا قدوم الرتل العسكري وصافرته المزعجة تلك التي أفزعت الحمار لما أفلت زمام الأمور من يدنا .

العجوز : نعم يا سيدي، فالرتل العسكري هو الذي أطلق ذلك الصوت المزعج ومن ثم أطلقوا النار في الهواء، وقد تكون تلك الأصوات هي التي أوقفت اجتماع السادة المسؤولين .

الثاني : إطلاق نار! (ينظر إلى زملائه) نحن لم نسمع صوت إطلاق نار، بل سمعنا صوت صراخ عالٍ، وليس أمامنا سواكم متهمين.. هيا اعترفوا وإلا أودعتكم السجن بتهمة الإرهاب .

الشاهد : إرهاب! يا ويلي.. أنا شاهد ولستُ متهماً .

الزوجة : وأنا زوجته، أقسم بالله أنني زوجته.

العجوز : (بخوف) أنا رجل عجوز ومريض، وصوتي ضعيف ولا أقدر على الصراخ .

البائع : ماذا! أتريدون أن تضعوا التهمة برأسي فقط؟

الشاهد : وما ذنبي أنا لأكون معكم؟ أنا الشاهد.

الزوجة : وأنا زوجته .

البائع : ذنبكم أنكم أول من بدأ بالصراخ لتوقفوا العربة .

الشاهد : أردتُ أن أشتري منك .

البائع : لا داعي لشرائك مني.. اشترِ من غيري.. ألا تلاحظ أن صراخك أوقف العربة السياسية ذات العجلات الكبيرة؟

الشاهد : بكل الأحوال أنا الشاهد ولا دخل لي بما جرى .

الزوجة : أجل، هذا صحيح، وأنا زوجته .

الأول : اسمعوا، لن يخرج أحد منكم إلا بعد أن نجد الجاني .

العجوز : بالتأكيد لستُ أنا الجاني، فأنا رجل عجوز ولا أقدر على فعل شيء .

البائع : (يواجهه) أنت أيها العجوز، ألم تبدأ بالصراخ حينما وجدت أن الحمار متجه نحوك وأنت تصيح : قف، قف؟

العجوز : لا، بل أنت من صرخ حين سحبت لجام الحمار بقوة .

البائع : أردتُ إنقاذك وإيقاف العربة، ولولا ذاك لكنتَ الآن تحت العجلات .

العجوز : كان ذلك أفضل من أن تصرخ وتدهور حال البلد.. ألم تعرف أن هناك سادة أفاضل يجتمعون ويسهرون على راحة المواطنين؟

البائع : وكيف لي أن أعرف بذلك الاجتماع المهم؟

الشاهد : (يتدخل) دعني أسألك، لمّا كنتَ تمشي في ذلك الشارع ألم تكن تعرف أن منزل السيد المحترم في ذلك المكان وأن مرور العربات بقربه ممنوع؟

البائع : ليس هناك ما يشير إلى ذلك، وأغلب شوارع البلد ممنوع السير فيها، واحترنا أين نسير، ولو كنتُ أعرف أن السير ممنوع في ذلك الشارع اللعين لما مررتُ به .

الزوجة : ماذا! أتلعن الشارع لأن فيه منزل السيد المسؤول؟!

البائع : (بخوف) ماذا! أنا؟! أستغفر الله.. حاشى الشارع وحاشى المنزل.. بل أنا أحييه وأحيي كل ركن وحجر فيه، وكل رصيف وعمود يحتويه، وأدعو الله له دوام العافية (يقف ويرفع يديه للدعاء) اللهم اجعل إسفلته الأسود أبيض، وارفع من شأن أوساخه واجعلها ذهباً، وحوّله من منطقة حمراء إلى منطقة خضراء .

الشاهد : أنت تستهزئ .

البائع : كلا، أبداً، معاذ الله إن كنتُ كذلك، بل اللعنة عليّ وعلى العربة والعجلات وعلى هذه المهنة التي جلبت لي كل هذه البلوى، ولو كنتُ أعرف أني سأقع في هذا المأزق لما ذهبتُ إلى هناك .

الأول : كفى، أنا سأضع حداً لهذه المهزلة.. الجميع متهمون، ولا داعٍ لهذه الفوضى .

(يزداد اللغط والهياج بين المتهمين مع هياج الحمار وارتفاع صوت نهيقه)

الأول : (يصرخ بهم) اصمتوا (يصمت الجميع عدا الحمار.. كأنه اكتشف شيئاً) أيها الحراس، خذوا هذا (يشير إلى الحمار) هذا هو أحد المتهمين.. نفذوا فيه حكم القانون.. هذا هو الإرهابي (نسمع صوت إطلاق نار) هذا جزاء من يخلق الفوضى في هذا الوطن .

البائع : (بانفعال) حماري.. لا.. قتلوا حماري.

(ينسحب الأول إلى مجموعته فيحاول البائع مهاجمته)

البائع : لماذا فعلتَ ذلك؟ هو لم يفعل شيئاً .

العجوز : احذر.. تمالك أعصابك.. لا تتهور.

الأول : ماذا؟ أتحاول مهاجمتي أيها الإرهابي؟

العجوز : (يحاول تهدئة الموقف) لا يقصد ذلك.. إنه منفعل فقط .

البائع : من الإرهابي؟ أنا أم الذي يقتل حيواناً مسكيناً وبريئاً؟ (يبكي)

الشاهد : (يحاول إسكاته) أسكت وإلا تطور الأمر إلى شيء لا تُحمَد عقباه .

(يُعزَل الأول والثاني والثالث في بقعة ضوء، والمتهمون في بقعة أخرى)

الثاني : تسرعتَ في اتخاذ قرارك .

الأول : كان قراراً صائباً .

الثالث : لمَ لم تستشرنا؟

الأول : أنا القائد هنا، وأنا صاحب القرار .

الثاني : قراراتك خاطئة .

الأول : عليك احترامي، فأنا رئيس الهيئة .

الثاني : وأنا أيضاً رئيس الهيئة .

الأول : انتبه، أنت رئيس الهيئة الغربي ولا دخل لك في هذه القضية .

الثاني : وأنت رئيس الهيئة الشرقي ولا سلطة لك على هذا المكان .

الثالث : لا، لا، أنا الرئيس هنا ولا تتجاوزا حدودكما .

الأول : ماذا قلت؟! أنا الرئيس .

الثاني : بل أنا الرئيس .

(يتصاعد الجدال بينهم.. يرن جرس الهاتف.. الثلاثة يلتقطون هواتفهم النقالة وبصوت واحد)

الثلاثة : نعم سيدي.. أمرك سيدي.. نحن ننتظر توجيهاتك.. أمرك مطاع .

(تُطفأ بقعة ضوء الثلاثة لتضاء بقعة ضوء المتهمين.. يتحرك الكاتب متوجهاً إلى المتهمين)

المحقق : (يناديه) إلى أين؟

الكاتب : إلى هناك.. يجب أن أدوِّن كل ما يحدث أمامي .

المحقق : احذر وإلا أصبحتَ من المتهمين .

الكاتب : لا.. سأدوِّن ما يجري فقط .

المحقق : لا تكتب شيئاً دون أوامر.. دعهم ولننتظر وسنرى ما سيكون.. ليست مهمتنا سوى حفظ الأمن والنظام وتطبيق القانون، وإن لم نكن كذلك فقدنا وظيفتنا ورزق أطفالنا .

الكاتب : (بانفعال) أي رزق هذا الذي يُغمَس بالدم؟ وأية وظيفة لا تستطيع أن تفعل شيئاً أمام الفوضى التي تجري الآن.. لا يا سيدي، يجب أن يكون لنا موقف.. سأكتب كل شيء ولن أخالف القانون، فأنت دائماً تطلب مني أن أكتب، وها أنا ذا أفعل ذلك.. سأكتب الحقيقة، حقيقة ما يجري، ولن أغفل أي شيء ليبقى شاهداً لنا وللتاريخ (يتوجه ويجمع كل الملفات الملقاة على الأرض ويقف في أحد أطراف المسرح القريبة من المتهمين، والمحقق يقف حائراً، لا يدري ماذا يفعل.. تضاء بقعة مجموعة المتهمين.. ينهض العجوز بعد أن واسى البائع)

العجوز : يجب أن نخرج من هذه الورطة .

الشاهد : علينا أن نتفق على رأي واحد وإلا تهنا جميعاً .

البائع : (بحزن) لن أفكر بشيء سوى الانتقام من قاتل حماري .

الشاهد : ماذا ستفعل؟ ستقتل؟ سيقتلونك ويقتلوننا معك.. فكر بمصلحة الجميع.. لم يكن أكثر من حمار .

البائع : هو أغلى ما لدي .

الشاهد : إذاً ليكن أغلى ما لديك لأجل الوطن.

البائع : (باستهزاء) هو يقتل من أجل الوطن وأنت تطلب مني أن أضحي من أجله وكأننا لسنا وطنيين.. أفنيت عمري في ساحات القتال وها أنت ترى.. لم أنل من كل ذلك غير عربة حقيرة يجرها حمار.. لم أعد أعرف ما هو الصحيح وما هو الخطأ.. كل تلك السنين من عمري ضاعت هباء.. كل شيء غلط .

العجوز : دعونا من هذا كله.. نحن جميعاً أبرياء ولا ذنب لنا فيما جرى .

البائع : لا فائدة من أي شيء .

العجوز : لم يفت الوقت بعد .

الزوجة : (وهي تتألم) هذا صحيح.. هناك دائماً أمل.. المشكلة ليست هنا (تشير إلى الثلاثة) المشكلة هناك.. عليهم تركنا، ويكفي ما خسرناه (يزداد الألم عليها.. تصرخ) آه.. لم أعد أستطيع.. لم أعد أحتمل.. يا رب.. ساعدني .

الشاهد : هل ستكررينها مرة أخرى؟ ثلاث سنوات وهذه الرابعة وأنت تخدعيننا بحملك الكاذب، والآن ستنجبين؟ لا أصدق .

الزوجة : (بألم) صدِّق.. كل شيء جائز.. فقط أريد أن أتخلص من هذا الهم الثقيل .

العجوز : (إلى الشاهد) قد تنجب لك صبياً .

البائع : وقد تنجب حماراً .

(يبدأ صوت إطلاق نار كثيف.. تعم الفوضى أرجاء المكان.. يركض الثلاثة ويخرجون)

البائع : يا إلهي! ما هذا؟! يجب أن نخرج .

العجوز : من يخرج في هذه الظروف؟ ومن يسمح لك بذلك؟

البائع : إذاً يجب أن نحتمي .

الزوجة : (تصرخ) آه.. بطني.. ساعدوني .

الشاهد :يجب أن نستدعي الإسعاف .

البائع : الكل يهرب.. من سيسمعك؟

الزوجة : أكاد أنفجر.. سأموت.. خلّصوني .

الشاهد : ماذا نفعل؟

العجوز : علينا أن نعتمد على أنفسنا.. يجب أن نساعدها .

البائع : أجل، لن نتركها .

(تسقط الزوجة خلف الستائر، ويتجمع الباقون من حولها لتبدأ عملية الولادة.. يسحبون من بطنها الحبل السري ليظهر حبل طويل وعليه مجموعة من الشعارات غير الواضحة كجزء من كلمة حر.. ية.. حقو.. ق.. عد.. ل.. ينتشر الحبل السري في أرجاء المسرح.. الشاهد ينتظر المولود)

الشاهد : أين الطفل؟ أين ولدي؟ لمَ التأخير؟

العجوز : (وكأنه يجري عملية التوليد) الوضع غير طبيعي، والولادة متعسرة، والوليد لا يقبل أن يخرج.. أنا أحاول أن أقنعه بالخروج.. يقول إن الوقت غير مناسب (يحدث جدال بينهم) انتظروا.. اصمتوا.. قد يولد الآن .

البائع : كذب وخداع.. ليس سوى كذب وخداع.. نحن مخدوعون منذ البداية .

الشاهد : أنا أعلم بالأمر .

البائع : بل أنت مشترك في هذه الخدعة .

الشاهد : ما هذا الكلام؟ أنا بريء .

البائع : بريء؟! (باستهزاء) بسكوتك وقناعتك بالأمر أصبحتَ مشتركاً.. ألم تقل إن الأمر قد مضى عليه أربع سنوات؟

الشاهد : وماذا أفعل؟

البائع : ارفض.. قاوم.. غيِّر .

الشاهد : (يضحك) أغيّر مَن؟ زوجتي؟ أحلامي؟ قل لي بربّك ألا يحتاج الأمر إلى تفكير؟ الكل بحاجة إلى تغيير .

البائع : كذبة حاولت تصديقها وتصديرها إلى الآخرين .

العجوز : مَن يزرع وهماً يحصد وهماً .

الزوجة : (بألم) اصبروا، لعلّي أولد بعد حين.. إنها آلام المخاض .

البائع : أتخدعيننا من جديد أيتها الكاذبة؟

الشاهد : قف.. إلى هنا وكفى.. إنها زوجتي.

البائع : قل هذا الكلام في البيت وليس في هذه الظروف .

الشاهد : أقولها في أي زمان وأي مكان .

البائع : هذا قدرك وليس قدرنا.. قدرك أن تكون تابعاً لها .

الشاهد : لكنا تابعون.. كلنا منقادون، والأمر ليس بيدنا .

البائع : أنا رجل ولستُ مثلك .

(الشاهد يضحك)

البائع : لمَ تضحك؟ أتشك في الأمر؟ (بغضب) لقد تجاوزتَ حدودك .

الشاهد : أنت مَن بدأ .

البائع : بل أنت .

الزوجة : (تصرخ) سألد الآن.. ساعدوني.. ساعدوني .

البائع : كاذبة.. مخادعة .

الشاهد : بل أنت الكاذب .

(يتصاعد الجدال فيما بينهم ويتحول إلى عراك بالأيدي، والعجوز يقف بينهم ويحاول حل النزاع.. تتصاعد أصوات الرصاص والانفجارات.. تظهر بقعة ضوء المجموعة الأولى وهم في حالة صراع، والبقعة الثانية للمجموعة الثانية وهم في حالة صراع أيضاً، ولكن بحركة ودون صوت.. تضاء بقعة ضوء أمامية يظهر فيها الكاتب متوجهاً إلى الجمهور)

الكاتب : الكل في حالة صراع، ولا نفهم من هو المحق ومن هو المخطئ، والكل يدّعي البراءة، والولادة متعسرة، والطفل يرفض أن يولد الآن.. قد يولد في زمن آخر، وقد تنجب المرأة وليداً يمكن أن يكون طبيعياً أو معاقاً، أو حتى ميتاً، أو قد لا تنجب أبداً.. علينا أن نحدد ولادتها نحن ونهيء لها الزمان والمكان المناسبين وإلا فلندعها للظروف (يخرج باتجاه الجمهور.. صمت.. إظلام على خشبة المسرح.. صوت بوق المدرعة يخترق الصمت)
بقلم :
فلاح عبد حمدون
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
نص مسرحية :لا أحد يصمت . . . لا أحد يتكلم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  مسرحية > حوار بين مواطن عربي والسفير

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الحضنة للعلم والمعرفة :: الفنون المسرحية :: المسرح العربي-
انتقل الى: