منتدى الحضنة للعلم والمعرفة
اهلا بك في منتدي الحضنة للعلم والمعرفة
منتدى الحضنة للعلم والمعرفة
اهلا بك في منتدي الحضنة للعلم والمعرفة
منتدى الحضنة للعلم والمعرفة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى الحضنة للعلم والمعرفة

free
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  تسجيل دخول الاعضاءتسجيل دخول الاعضاء  
 photo ss-6.gif
قرآن كريم
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
walid
البعد السياسي والاجتماعي لمسرح الدمى في العالم العربي  Vote_rcapالبعد السياسي والاجتماعي لمسرح الدمى في العالم العربي  Voting_barالبعد السياسي والاجتماعي لمسرح الدمى في العالم العربي  Vote_lcap 
aramnet
البعد السياسي والاجتماعي لمسرح الدمى في العالم العربي  Vote_rcapالبعد السياسي والاجتماعي لمسرح الدمى في العالم العربي  Voting_barالبعد السياسي والاجتماعي لمسرح الدمى في العالم العربي  Vote_lcap 
Soumonov ALLIA
البعد السياسي والاجتماعي لمسرح الدمى في العالم العربي  Vote_rcapالبعد السياسي والاجتماعي لمسرح الدمى في العالم العربي  Voting_barالبعد السياسي والاجتماعي لمسرح الدمى في العالم العربي  Vote_lcap 
malik yahya
البعد السياسي والاجتماعي لمسرح الدمى في العالم العربي  Vote_rcapالبعد السياسي والاجتماعي لمسرح الدمى في العالم العربي  Voting_barالبعد السياسي والاجتماعي لمسرح الدمى في العالم العربي  Vote_lcap 
issam boutaraa
البعد السياسي والاجتماعي لمسرح الدمى في العالم العربي  Vote_rcapالبعد السياسي والاجتماعي لمسرح الدمى في العالم العربي  Voting_barالبعد السياسي والاجتماعي لمسرح الدمى في العالم العربي  Vote_lcap 
zaki zidane
البعد السياسي والاجتماعي لمسرح الدمى في العالم العربي  Vote_rcapالبعد السياسي والاجتماعي لمسرح الدمى في العالم العربي  Voting_barالبعد السياسي والاجتماعي لمسرح الدمى في العالم العربي  Vote_lcap 
أمين المقراوي
البعد السياسي والاجتماعي لمسرح الدمى في العالم العربي  Vote_rcapالبعد السياسي والاجتماعي لمسرح الدمى في العالم العربي  Voting_barالبعد السياسي والاجتماعي لمسرح الدمى في العالم العربي  Vote_lcap 
laidm88
البعد السياسي والاجتماعي لمسرح الدمى في العالم العربي  Vote_rcapالبعد السياسي والاجتماعي لمسرح الدمى في العالم العربي  Voting_barالبعد السياسي والاجتماعي لمسرح الدمى في العالم العربي  Vote_lcap 
عبد الحميد بدار
البعد السياسي والاجتماعي لمسرح الدمى في العالم العربي  Vote_rcapالبعد السياسي والاجتماعي لمسرح الدمى في العالم العربي  Voting_barالبعد السياسي والاجتماعي لمسرح الدمى في العالم العربي  Vote_lcap 
azize el madrigal
البعد السياسي والاجتماعي لمسرح الدمى في العالم العربي  Vote_rcapالبعد السياسي والاجتماعي لمسرح الدمى في العالم العربي  Voting_barالبعد السياسي والاجتماعي لمسرح الدمى في العالم العربي  Vote_lcap 
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
تصويت
التبادل الاعلاني
المواضيع الأكثر نشاطاً
مكتبة الجرائد الجزائرية
Adobe Premiere Pro 2.0 Portable برابط ميديافاير يعدعم الاستكمال mediafire
تحميل برنامج Avira Internet Security 2012 12.0.0.860
تحميل كتاب مذكرات taher zbiri هنا(نصف قرن من الكفاح)
طريقة صنع كحل جدتي وأمي
الله يهدينا على الفيس بوك واش دار فينا
لغز من يحله؟
مذكرات سنة اولى ابتدائي
يا ليت الزمن يعود الى الوراء
اقسم بالله انك ستلبسين الحجاب
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 4 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 4 زائر

لا أحد

أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 63 بتاريخ السبت يوليو 20, 2019 5:35 am
مايو 2024
الإثنينالثلاثاءالأربعاءالخميسالجمعةالسبتالأحد
  12345
6789101112
13141516171819
20212223242526
2728293031  
اليوميةاليومية

 

 البعد السياسي والاجتماعي لمسرح الدمى في العالم العربي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Soumonov ALLIA
عضو برونزي




الاوسمة : وسام التميز
عدد المساهمات : 425
نقاط : 791
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 05/09/2011
العمر : 37

البعد السياسي والاجتماعي لمسرح الدمى في العالم العربي  Empty
مُساهمةموضوع: البعد السياسي والاجتماعي لمسرح الدمى في العالم العربي    البعد السياسي والاجتماعي لمسرح الدمى في العالم العربي  Icon_minitimeالأحد ديسمبر 16, 2012 6:05 pm

بسم الله الرحمان الرحيم:
البعد السياسي والاجتماعي لمسرح الدمى في العالم العربي :

كريم دكروب: مخرج متخصّص بمسرح الدمى – خريج أكاديمية بطرسبرغ للفنون المسرحية – أستاذ في الجامعة اللبنانية – له عدد من الأعمال المسرحية للأطفال والكبار حاز بعضها على جوائز عالمية – من مسرحياته: "شتّي يا دنيا صيصان"، "يللا ينام مرجان"، "القنديل الصغير"، "بيتك يا ستّي"، "ألف وردة ووردة"، "كليلة ودمنة"، "عندي حلم"، "منطق الطير" وغيرها – هذه المسرحيات عُرضت في لبنان وبلدان عربية .
حين أتحدث عن تجربتي في مسرح الدمى اللبناني في خلال الندوات واللقاءات (خاصة في العالم العربي)، أتطرق الى رافدين ساهما في صقل هذه التجربة: الدراسة الأكاديمية في الاتحاد السوفياتي، والدافع الاجتماعي والسياسي والفكري. يستغرب الكثير من الأصدقاء العرب "اقحام" الدافع السياسي أو الاجتماعي في معرض الحديث عن مسرح الدمى الموجّه للأطفال، فهذا المسرح – كما يعتقدون – يهدف حصراً الى تسلية الأطفال وتعريفهم "بالأخلاق الحميدة" وتعزيز معلوماتهم ومهاراتهم الحياتية...

في الكثير من البلدان، لا يزال مسرح الدمى يلعب دوره الرائد في عروض الأطفال كما في عروض الكبار، بينما في الدول العربية تقوقع هذا الفن في توجهه الاستهلاكي أو الوعظي الأبوي مما أفقده مصداقيته الاجتماعية والجمالية وبالتالي دوره الطليعي. نستثني طبعاً بعض التجارب المضيئة في القرن العشرين مثل مسرحية "الليلية الكبيرة" في مصر التي تحمل همّاً اجتماعياً واضحاً وتعكس هواجس الشارع المصري بصدق وحساسية بالغة يتمتع بها صلاح جاهين مؤلفاً، سيد مكاوي ملحّناً وصلاح السقا مخرجاً. دون أن نغفل التعاون المثمر على المستوى التقني مع مسارح رومانيا الاشتراكية والاتحاد السوفياتي، في زمان جمال عبد الناصر.

لمسرح الدمى في العالم العربي جذور قوية ومرتبطة بشكل متين بالظروف السياسية والاجتماعية المحيطة، بدءاً من الحراك السياسي أيام المماليك، مروراً بالتناغم وثم الصدام مع المستعمِر التركي، وثم الدور الثقافي للمستعمِر الفرنسي الذي حاول طمس الطابع الشعبي الاجتماعي لهذا الفن واعادته إلينا معلّباً بطابع مدرسي مهذب وساذج، وصولاً الى النزعة القومية أيام جمال عبد الناصر والحرب الأهلية في لبنان.
إذا أردنا الكلام عن البعد الاجتماعي لمسرح الدمى، لا بد من الحديث أولاً عن فعل تحريك الدمى من الناحية الانسانية والنفسية.

تحريك الدمى كنشاط انساني
ارتبط تحريك الدمى منذ فجر التاريخ بالأنشطة ذات الطابع الديني والطقوسي. كما ارتبط أيضاً بلعب الأطفال، وتحديداً ما نسميه "اللعب الاحيائي". على المستوى النفسي، تُنتِج عملية تحريك الدمية في داخل الشخص المحرِّك فعلين متناقضين: الإنصهار والانشطار dédoublemen. انصهار جسد المحرِّك مع دميته وتحولهما الى جسد واحد، وانشطار شخص المحرِّك الى قسمين: يتجسد الأول في جسمه والثاني في يده التي تتحول مع الدمية الى جسم آخر.
الدمية هي جزء من المحرِّك وفي الوقت نفسه هي نسخة مصغّرة عنه. بما أنها جزء منه فهي تعيد انتاج ذكرياته الدفينة وتعيد ترتيبها بالطريقة التي يتمناها(1)، وبما أنها منفصلة عنه فهو يتبرّأ من تَبِعة تصرفاتها حتى ولو اتخذت هذه التصرفات طابعاً انحرافياً.
الستارة التي تغطي المحرِّك وتُبرِز الدمية تلعب دوراً أساسياً في هذه العملية، فعند دخول المحرِّك الى خلف الستارة تنشأ طاقة فريدة تمنحه الطمأنينة والجرأة لقول كل ما لا يمكنه قوله وهو "عارٍ".
كثيرٌ من المحرِّكين تتغير شخصيتهم بشكل كامل عندما يختفون داخل الستارة، إنها تمحو الخجل والخوف، ولذلك يستعين المعالجون النفسيون بفعل تحريك الدمى من خلف الستارة لتحفيز مرضاهم على قول كل ما لا يجرؤون على قوله في الحالات العادية.
إنّ تحريك الدمية يُطلق العنان لمخيلة المحرِّك ولذاكرته الانفعالية فيبتكر أحداثاً تمثل نوعاً من استيهام القوة(2)" Fantasme de puissance" فتبرز لدى الشخصية التي تمثّلها الدمية طاقة سحرية تجعلها تنتصر على كل الشخصيات الأخرى التي تمثل القهر والجوع والموت والظلم(3)، يتجسد هذا الانتصار بطريقة بسيطة وساذجة على مستوى الفعل المسرحي. وهذه البساطة تعتبر في صلب الوسائل التعبيرية لفنّ الدمى.
استذكر تشبيهاً ملفتاً قاله "آلان روكوان" أحد أبرز فناني الدمى الفرنسيين في القرن العشرين(4)، "إنّ تحريك دمية الكف يبدأ برفع اليد، ورفع اليد علامة المعارضة والرفض"، ومع رفع اليد يرتفع حكماً رأس المحرِّك للنظر الى الدمية، والمحرِّك هنا مجبر على رفع رأسه حتى وإن أمضى حياته ذليلاً خارج إطار نشاط تحريك الدمى.
لقد ارتبط هذا الفن عبر التاريخ بالجرأة السياسية والاجتماعية، وبالتفلت الأخلاقي، وبقول الممنوعات دون حدود وقيود، وهو فن لم يرتبط يوماً بالقصور والأغنياء، إنه فن الشارع والساحات والحانات والأزقة، إنه فن الفقراء الذين لا يجرؤون على التعبير عن سخطهم ورفضهم، الدمية تعبّر عنهم. كما تمثل الدمية بالنسبة الى محرِّكها متنفساً يعبِّر من خلاله بجرأة عن صدق مشاعره وتفكيره وهواجسه، فهي أيضاً تمثل بالنسبة الى الطبقات المسحوقة القدرة التي يحلمون بها ولا يملكونها، إنها طريقةً للحلم بحياة أفضل، للتعبير عن المعاناة ومحاولة طردها وإيجاد الحلول لها ولو بطريقة خيالية(5).
لقد برع فن الدمى بنقل الأحاسيس الأكثر شعبيةً والأكثر عنفاً أحياناً. يعمد الفنانون التقليديون الى ترميز المسرحيات بشكل يفهمه فقط الجمهور الذي يتوجّه اليه وفي معظم الأحيان لا تفهمه السلطات التي يجهد الفنانون لابتكار أساليب انتقادها(6). الدمى الشعبية، بِلُغَتِها الفظة المعبرة عن الشعب المعذب، كانت تحوِّل الشخصيات المنبوذة والمشاغبة الى أبطال، بينما نرى العكس في المسرح الكلاسيكي الأوروبي.


صفحة من مخطوطة "طيف الخيال"، لإبن دانيال – محفوظة في مكتبة اسطنبول

لم تخلُ عروض الدمى التقليدية من الرمزية التي تمثلت في وجود شخصيات خيالية كشخصية الموت الذي يتصارع معه البطل ويهزمه في النهاية وشخصية الشيطان أو الحيوان الأسطوري كالتنين أو الكلب الشيطاني، وكل هذه الشخصيات تدلنا على البعد الرمزي لهذا النوع من العروض الذي، رغم مبالغته في البساطة والمادية والإقتصاد في التعبير والفعل المسرحي، إلا أنه يجسد أفكاراً مجردةً وغامضةً كالموت ويحولها الى شخصية مادية يسخر منها، يتصارع معها، يضربها ويُضحِك الناس عليها وينتصر عليها في النهاية. لم تتوانَ شخصيات الدمى النمطية عن التعرض للدين والمقدسات والمعتقدات. كل شيء يمكن تصويره والتعرّض له دون حرج. فالمقدس يُعرَض جنباً الى جنب مع البذيء والمبتذل.
لذلك كله، ارتبط فن الدمى في معظم مراحل وجوده بشخصيات شعبية تقليدية نمطية تمثل نبض الشارع بكل ما يحمل من عنف وحزن وسخرية وخوف وسذاجة ودهاء.. ورغم أن جوهر هذه الشخصيات واحد تقريباً لدى كل الشعوب التي مارستها، الا أنها تتخذ لدى كل شعبٍ إسماً وطبيعةً تعرف بها، فهي بولتشينيللا Pulcinella لدى الايطاليين وبانش Punch لدى الانكليز، بتروشكا Petrushka لدى الروس، أراغوز لدى المصريين، ايبيش Ibish لدى الأتراك، وغينيول Guignol لدى الفرنسيين... وبالطبع كراكوز لدى الأتراك (ومنهم الى لبنان، سوريا، فلسطين، اليونان، الجزائر وتونس وليبيا).

فن الدمى في الثقافة العربية والاسلامية

احتل فن الدمى مكانةً بارزة في الثقافة العربية الاسلامية من خلال شكلٍ أساسي من أشكاله وهو مسرح الظل أو "خيال الظل". ارتبط نشوؤه وبروزه بالظروف السياسية والاجتماعية كما ارتبط بشكل عضوي بالبعد الديني لفعل تحريك الظلال.
لاحظ الدكتور فاروق سعد(7) أنّ اولى الإشارات الى وجود مسرح الظل في الثقافة العربية تعود الى القرن الثامن ميلادي. لكن، من المعتقد أنّ قبول العرب المسلمين بهذا الفن الوافد بشكل واسع لم يكن ليحدث قبل القرن العاشر ميلادي أي قبل سقوط الدولة العباسية وظهور الدويلات الاقليمية المختلفة، مثل الدولة الفاطمية التي سمحت لكافة فنون اللهو بالظهور والازدهار لأسباب سياسية. في هذا الوقت أصبح المجال مفتوحاً لظهور ظلال العقائد القديمة عند شعوب الفتح ومنها المصريون. مثل عقيدة الايمان بالواسطة التي آمن بها الفاطميون أنفسهم(Cool. ففي هذا المناخ تأخذ الدمية دورها كوسيط بين الانسان والعالم اللامرئي، عالم الجان والأرواح والخيالات الشاذة (و هو ما كان وما زال موجوداً بالنسبة للفن الظلي في موطنه الأصلي في شرق وجنوب شرق آسيا). قد لا يكون الربط بين الفن والدين صحيحاً في اي مكان أو عصر قدر صحته في العالم الاسلامي.
تمثِّل الدمية في ذاتها تعبيراً عن تلك الفلسفة الايمانية التي لا ترى في المخلوقات أكثر من دمى بيد الخالق الأعظم. الدمى الظلية تدل على اصحابها بصورة رمزية محضة، دون أن تكون تشخيصاً مباشراً تقليدياً للهيئة الانسانية المخلوقة، والمحظور تخليقها. يقول الباحث التركي متين اند إنّ تحويرات شخوص الظل من حيث التناسق تعود الى تحريم التشخيص التصويري في بعض المذاهب الاسلامية(9). ربما لهذه الأسباب، اصبح خيال الظل أكثر قبولاً من الفنون الأخرى كالتصوير والتمثيل لعدم اعتماده على عرض جسد الانسان بشكل كامل ومباشر انما بالواسطة عبر الظل وعبر أشكال محوّرة.



شخوص مسرح الظل المصري تعود الى فترة ابن دانيال





كما في الفلسفة الصوفية الاشراقية عند السهروردي مثلاً(10)، فإنّ النور والظلام يمثلان صورة تجريدية لعالمين متقابلين، أحدهما عالم الاشراق الروحاني، والآخر عالم الواقع الاجتماعي الملموس، عالم القهر والجور. النور والظلام إذن رمزان: رمز للسعادة في العالم "الإشراقي"، ورمز للشقاء في عالم الأرض "الفاني" ..
ولعل هذا ليس بالبعيد عن الظرفية التاريخية الموضوعية التي دخل فيها خيال الظل الى الحياة الإسلامية، حيث شهدت تلك الفترة صعوداً طبيعياً للحركات الصوفية وأفكارها في ظل الظروف الاجتماعية و السياسية المتردية(11)

نصوص ابن دانيال لمسرح الظل
في سياقها السياسي والاجتماعي

أبرز ما وصلَنا على الاطلاق من نصوص لمسرح الدمى بتقنية خيال الظل، ثلاثية شمس الدين بن دانيال الموصللي(1238-1310) الذي ترك الموصل (العراق) قاصداً القاهرة إبان غزو المغول للعراق (1258). تعتبر هذه النصوص أقدم نصوص تمثيلية مكتملة وجدت باللغة العربية، وتعود كتابتها إلى القرن الثالث عشر الميلادي أي في عهد السلطان الظاهر بيبرس. عاش ابن دانيال في مصر و"ألّف هذه التمثيليات بهدف مَلء الفراغ الذي استحدثه السلطان بالقضاء على الخلاعة والمجون، كما اعترف هو بذلك"(12). ويظهر هذا الأمر جلياً وبشكل مباشر في التمثيلية الأولى (التي كانت تعرف بالبابة) وهي بعنوان "طيف الخيال". اذ لا تقف غاية ابن دانيال من وراء موضوع هذه البابة عند حدّ إضحاك الجمهور على مؤامرة زواج أعدّتها ونفّذتها خاطبة قوّادة بالاشتراك مع زوجها والعروس، وراح ضحيتها أمير، بل إنّها تذهب الى التعرّض الى سياسة السلطة وسلوكها الإداري والقضائي والدستوري في آن معاً.

يتظاهر ابن دانيال بالإشادة بالتدابير الإدارية والملاحقات والعقوبات القاسية التي اتخذها الظاهر بيبرس بحق من اتّهمهم بالخلاعة واللهو، بحجة تأمين استِتْباب الأمن في الداخل للتفرُّغ لمحاربة العدو في الخارج. لكنَّ الكاتب يشكٍّك من طرف خفيّ بشرعية التدابير وقانونية الملاحقات وعدالة العقوبات، واختلاق التهم بحق الخصوم السياسيين. ابن دانيال يسخر من تلك الإصلاحات، ويقدم لجمهوره تمثيلية مليئة بكل أشكال الإباحية والشذوذ الجنسي نصاً وفعلاً، ثم ينهي نصَّه بدعوته الشخصيات إلى التوبة في مكة.

النص الثاني (عجيب وغريب) مختلف جذرياً، فهو استعراضي من نوع ال"سيرك"، يتألف من عروض (اسكتشات) تمثل ألعاب خفة وترويض حيوانات، وسحراً وغيره من النشاطات التي تصور الحياة الشعبية في الأسواق المصرية زمن المماليك تصويراً فريداً في نوعه. لم يقتصر هذا التصوير على مجرد عرضٍ للشخصيات بهدف تسلية المشاهدين - رغم أنه برع في ذلك على ما يبدو - بل حَملَ في طياته موقفاً
جلياً من الواعظين الذين انتشروا في ذلك العصر "حيث كان الوعظ الديني أحد أساليب الاحتيال، فالواعظون كانوا يتسترون بالمنطق الديني ويتظاهرون بالتقوى بهدف الوصول الى مبتغاهم. وقد أفاد هؤلاء الواعظون من الإصلاحات التي شاعت أيام الظاهر بيبرس، فراحوا يعترضون بالشريعة ويتدخلون في أخلاقيات مواطنيهم"(13). وموقف ابن دانيال يتجلّى في تركيزه على التناقض الحادّ بين وظيفة الواعظ التي تتلخص في إرشاد الناس ووضعهم على الصراط المستقيم، وعلى الدور الذي يؤديه هذا الواعظ (عجيب الدين) ويرتكز على طلب الملذات والاستمتاع بـ"المزاح" والعيش الماجن. ينهي ابن دانيال تمثيليته بذهاب الشخصيات للحج والتوبة في مكة بشكل مشابه للتمثيلية الأولى.
التمثيلية الثالثة (المتيم والضائع اليتيم) تذهب بالإباحية الى الحدود القصوى التي كانت ممنوعةً في ذلك الزمان، فهي تتكلم عن المتّيم الذي يعمل كل ما بوسعه لإرضاء "عشيقه"، حتى يصل في آخر التمثيلية الى احتفال يتخلله كل أنواع الشذوذ الجنسي يقطعه دوي هائل وظهور "ملك الموت" الذي يأتي لأخذ المتيّم، فيستمهله الأخير للتوبة والحج الى مكة (تماماً كما في التمثيليات السابقة).
يكمن ذكاء ابن دانيال المستمَدّ من الذكاء الفطري للفنون الشعبية، في أنه يمارس نوعاً من الاختبار لتصرف السلطات حيال النقد اللاذع الموجَّه اليها. هو يستغل الأعراف القائمة بين العارضين والمتفرجين في المسرح الشعبي لإمرار رسائله. وهذه الأعراف كانت الوسيلة الناجحة بيد عارضي مسرح الدمى التقليدي لدى كل الشعوب لإمرار الرسائل الانتقادية الى الشعب دون أن تعي السلطة.
تبرز في نصوص ابن دانيال الثلاثة (كما في عدد من النصوص المعاصرة له) قضية التوبة، فهو يُظهِر لنا كافة أشكال المجون وطلب الملذات والشذوذ، وفي النهاية تتوب الشخصيات الأكثر فساداً وتتوجه الى الحجاز للحج. لعل الكلام الكثير عن التوبة يهدف الى استرضاء المجتمع والسلطة، إنما في وصف حياة ما قبل التوبة نوع من الدعوة المبطنة للناس الى أن يثوروا ويحاولوا استعادة تلك الحرية المسلوبة.

لا شك في أن ابن دانيال ليس شخصاً عادياً يكتب نصوصه ويحرك شخوصه بهدف إضحاك الناس، بل هو يملك نظرةً سياسيةً اجتماعيةً الى عصره والى مجتمعه. انه متمرد وصاحب موقف سياسي وطبقي، ونصوصه هي "وسيلة للتمرد والتعبير عن المفارقة الواضحة بين الخطاب الرسمي المتشدِّد (متمثّلاً في اللغة وفي النتاج اللغوي والأدبي وفي النصوص التشريعية الدينية الصارمة)وواقع الحياة. مجتمع فيه حكّام ينعمون بالذهب ومحكومون يموتون جوعاً وفقراً (14) "


الأراغوز: البطل الشعبي المصري

بعد عدة قرون، ظهر في مصر نوع جديد من الدمى يختلف في الشكل عن مسرح الظل. انه مسرح الأراغوز الذي يعتمد تحريك "دمى القفاز" حيث يختفي المحرك خلف ساتر من القماش ويحرك دميته من الأسفل مع استخدام آلة صغيرة اسمها "الأمانة" تُحدث تغييراً في صوته ليصبح حاداً وعالياً. كان الأراغوز عبارة عن دمية خشبية صغيرة، تعتمر طرطوراً أحمر، وتحمل عصا غليظة تحدث ضجيجاً لافتاً ومضحكاً بسبب الثقب المستحدث فيها. وللعصا رمزية تتجاوز الثقافة المصرية، فالعصا ذاتها تستخدمها معظم شخصيات الدمى النمطية في وأوروبا وصولاً الى أعماق أفريقيا. في معظم عروض دمى القفاز الشعبية يبرز وجود العصا عنصراً أساسياً يصل إلى حد لعب دور شخصية مستقلة أحياناً. إنه عنصر كوميدي يعمل على إضحاك الجمهور عبر حركة الضرب وطريقة تلقي الضرب من الناحية البصرية،
وكذلك صوت الضربة من الناحية السمعية. تشكل هذه العصا أبرز تعبير عن البعد الاجتماعي – الإصلاحي الذي يتسم به هذا النوع من الدمى. إنها رمز للعدالة الاجتماعية المفقودة، فالدمية هنا تقوم بما يعجز عنه الناس العاديون، لذلك فهي تمثل نوعاً من المتنفس، فالعصا تضرب الأغنياء والملوك والنافذين كما تضرب الشيطان والشخصية التي تمثل الموت وكذلك تضرب الزوجة الثرثارة الفاجرة .. بعكس عروض ابن دانيال عبر مسرح الظل، لم يكن فنانو الأراغوز يمثلون نصوصاً مكتوبةً، كانت كل العروض
ارتجالية ولكنها تتبع سيناريو معيّن يعرفه الفنانون كما يعرفه المتفرجون (في شكل شبيه بالكوميديا ديل أرتي الايطالية).
تميزت شخصية أراغوز (كما كل شخصيات الدمى النمطية في العالم) "بالشيطنة" و الهجاءsatire والتعرّض للمقدسات والمعتقدات والدين ورموزه. كل شيئ يمكن تصويره والتعرض له بلا حرج، فالمقدس يعرض جنباً الى جنب مع البذيء ويصلان الى حد التكامل الفريد.

وفي هذا السياق، من أهم المفارقات التي رافقت نمو وانتشار شخصية أراغوز في مصر هي اصطدامها الدائم مع الدين ورموزه السلطوية ومرافقة ذلك مع مطاردة رموز الدين لهذا النوع من الفنون، ورغم ذلك، ترتبط عروض الأراغوز بمناسبات دينية، ويلعب الأراغوز في ساحة المسجد في خلال احتفالات المولد.

اكتسبت شخصية الأراغوز النمطية صفة "الشاطر"، والشاطر في اللغة العربية من شطر، فيقال فلان شطر عن القبيلة أي انفصل عنها. هؤلاء الشطار لم يكونوا مجرمين بالمعنى الحقيقي انما أبطال شعبيون تحولوا الى رموز ساخرة بالسلطة وبكل ظروف الاستغلال والقهر. "الشاطر" هو البطل الشعبي الساخر الذي يجعل من الحمق مادته، فهو يتحامق ليخفي حقيقة أمره ولكي يتمّ "ملعوبه" بسحق رجل السلطة أو الظالم أو الأجنبي الدخيل. المهرج هنا هو محتال يلبس قناع الأبله. وهذا هو جوهر شخصية الأراغوز المصري.

كراكوز بلاد الشام
رغم الاشارات العديدة الى وجود خيال الظل في بلاد الشام في القرن الخامس عشر، فمن الثابت أن الازدهار الأساسي لهذا الفن سُجل في دمشق وحلب وطرطوس وأرواد وطرابلس وصيدا في القرن التاسع عشر بتأثير مباشر من مسرح الكاراكوز التركي وشخصياته النمطية (كراكوز وحاج عيواظ وغيرهم). كان كراكوز يمثل الناس بما فيهم من طيبة وشر، فهو تاجر، وعامل، ساذج وغبيّ أحياناً، بينما يتميز عيواظ بدهائه وحبه للمقالب. رغم استعارة السوريين واللبنانيين لشخوص المسرح التركي وبعض موضوعاته، فإنّ معظم الموضوعات التي عالجها المسرح الظلي في بلاد الشام استمدّت مادتها من الأحوال المحلية والأحداث المعاشة. حتى إنّ مسرح الكراكوز استخدم أحياناً السخرية اللاذعة للتحريض ضد الأتراك والدعاية للثقافة والعادات العربية. "كانت المشاهد تحضّ في معانيها على حب الفضيلة وتسفيه الرذيلة، (رغم أن اللغة كانت بذيئة في أغلب الأحيان). وكثيراً ما انتقدت تصرفات الحكام دون أن يدع المخايل أي مجال لمقاضاته(15)".

كما في نصوص ابن دانيال، يبتكر عارضو الكراكوز أعرافاً مع جمهورهم لإمرار الرسائل الانتقادية الى الشعب دون أن تعي السلطات. وتتبلور هذه الأعراف نتيجة تفاعل العارضين مع نبض الجمهور، وهي ترتكز بشكل أساسي على مبدأ "التحامق".

كل ابطال مسرح الدمى الشعبي في العالم استخدموا لغة "التحامق" أو الظهور بمظهر الحمق لتمويه الرسائل السياسية والاجتماعية والدينية التي كانت تصل الى الجمهور عبر الإضحاك. يقدم لنا عارضو الكراكوز "تشكيلةً" من المحتالين والمتحامقين، بأسلوب الخداع الشعبي الظريف والمبرَّر. والتحامق أو الاستحماق موقف تمثيلي واعٍ ومقصود ينمّ عن ذكاء شديد، يفوق ذكاء ذلك الذي يواجه الموقف السلبي باندفاع ساذج وغير محسوب. وكما يقول فلاديمير بروب: "إن يستحمق فلان الآخر، فهذا هو الاسلوب الرئيس في الهجاء الفولكلوري. وهو الأسلوب الذي يفعل فعله في مسرح الدمى الشعبي بشكل خاص".(16)

انحسر نشاط مسرح الظل في بلاد الشام في بدايات القرن العشرين، أي مع فترة الانتداب الفرنسي وبعد خروج العثمانيين. ويُعتَقَد أن ظهور السينما والتلفزيون بالإضافة الى الوضع الاقتصادي للمخايلين، لعبا دوراً في أفول هذا الفن. لكن العامل الأبرز (وغير المعلن) لانحسار مسرح الكراكوز يعود إلى التأثير الثقافي المباشر لسلطات الانتداب الفرنسية، التي حاولت طمس معالم الثقافة التركية في البلاد التي سيطرت عليها وبخاصة في لبنان.

عودة فن الدمى الى لبنان
الولادة الجديدة لفنٍّ طليعي

حاول الفرنسيون إعادة هذا الفن الى لبنان، لكن بإطار آخر مختلف كلياً عن شكله التقليدي القديم، عبر المدارس والإرساليات. عاد بشكل ساذج ومهذب ومجرّد من معظم العناصر الاجتماعية التحريضية التي كان يتميز بها (رغم أن تلك الفترة شهدت تطوراً في فرنسا نفسها في مسرح الدمى الاجتماعي عبر شخصية "غينيول"). مسرح الدمى الجديد جاء مقتصراً على العروض الموجهة للأطفال باللغة الفرنسية بهدف تقريبها الى مسامعهم عبر حكايات آتية من الغرب. انتقل هذا الفن الى تلفزيون لبنان في بداية الستينيات مع رينيه تارابو وجوزيف فاخوري، لكن المواضيع ظلت شبيهةً بالعروض المدرسية التي كانت
تعتمد على الكلام دون الاهتمام بالفعل المسرحي الذي يمكن أن تقدمه الدمى، رغم أن جوزف فاخوري حاول ضخ نفَسٍ"بلديٍّ" على مسرحياته وحلقاته التلفزيونية.
وفي أواسط السبعينيات، شكلت الحرب الأهلية اللبنانية حافزاً لعودة فن الدمى للعب دوره الاجتماعي التربوي والسياسي مع توجّهه حصراً للأطفال، وذلك مع "فرقة السنابل" التي كان لها الفضل في تحقيق تلك الولادة الجديدة.

في خضم الحرب الأهلية اللبنانية (عام 1976)، ولسبب ما، قرر أعضاء "الكورس الشعبي" (أحد رواد الأغنية السياسية في لبنان) تعزيز نضالهم الثقافي والسياسي وتحويله الى شكل إبداعي جديد هو مسرح الدمى. الفرقة كانت بقيادة غازي مكداشي مع عدد من الناشطين الشباب من أمثال حسن ضاهر، عبيدو باشا، أحمد قعبور، ايمان بكداش، ايلي حداد وغيرهم...

وتزامنت هذه المبادرة مع صعودٍ لافت لعدد من الفرق المسرحية التي تعتمد فن الدمى الموجه إلى الأطفال لغةً فنية لها (بغض النظر عن ارتفاع أو تدنّي المستوى الفني)، بشكل خاص في المنطقة الغربية من بيروت ابان صعود الحركة الوطنية والمقاومة الفلسطينية. لم تكن كل الأعمال تحمل مضامين سياسية أو اجتماعيةً مباشرة، لكنَّ تغييراً ملحوظاً حصل على مستوى مضمون الأعمال المسرحية، وطريقة التعاطي مع الأطفال من خلال مسرح الدمى في فترة الحرب الأهلية. وتجسد هذا التغيير في التحرر من التوجّهات الأخلاقية الأبوية التي طبعت هذا المسرح على مدى عقود، نحو انفتاح أكبر على معاني الحرية وقيمها، وعلى حقوق الفقراء والمسحوقين والتفلت من القمع الاجتماعي، وعلى مسألة الهوية، بالإضافة الى التراث بما يحويه من حكمة غير مكبلة بالضوابط الأبوية....
وإذا نظرنا الى أسماء الأشخاص الذين ساهموا في هذه النهضة (عبيدو باشا، حسن ضاهر، غازي مكداشي، أحمد قعبور، مهى نعمة، نجلا جريصاتي، بول مطر...)، رأينا أن معظمهم كانوا يحملون همّاً ثقافياً، اجتماعياً، فكرياً وايديولوجياً واضحاً. لكن، من الملفت أن أحداً من هؤلاء الفنانين لم يسعَ جدياً في ما بعد الى امتهان فن الدمى، بل ذهب كلٌّ في طريقه البعيدة نسبياً، بعد أن شكّل العمل في فن الدمى محطةً بارزةً في مسارهم الفكري والثقافي، استكملها كلٌّ منهم في ما بعد بوسائل أخرى. أي أنهم استخدموا هذا الفن ليقولوا شيئاً للمجتمع في مرحلةٍ تاريخية مهمة، ولم يكن هدفهم تطوير فن الدمى بشكل محدد.

تطرقت "فرقة السنابل" في مسرحيتها الأولى "بدنا الشمس" الى احتكار التمساح للشمس (التي هي ملك الجميع) بمساعدة جواسيس الليل(البومة) مما دفع الحيوانات الضعيفة الى تظافر قواها وصولاً
الى استرجاع الشمس من فم التمساح. وتكلمت الفرقة في "زنبق والجبل" عن الأرنب الذي يتوق لمعرفة ماذا يوجد خلف الجبل، ويهرب من المزرعة متجاوزاً حاجز الخوف الذي زرعه السجانون، وفي الطريق يلتقي مع عدد من المقهورين وضحايا الاستغلال من مثل الخراف والسلحفاة وغيرهما، ويصلون معاً الى الحرية التي سعوا اليها. وفي مسرحية أخرى يخجل "الغراب الأسوَد" من شكله ولونه وهويته فيعمد الى تغيير لونه ومشيته ، حتى لهجته محاولاً تقليد الحسون، مما يزيد في معاناته الى أن يكتشف أنه يملك قدرات كامنة لم يكن يستخدمها من قبل، تجعله متفوقاً حتى على الحسّون.


مشهد من مسرحية " زنبق والجبل" لفرقة "السنابل اللبنانية"

قدمت فرقة السنابل هذه المسرحيات بقالب غنائي ممتع وراقٍ، وأكثر ما يلفت فيها اللهجة البيروتية والتعابير الشعبية واللحن السهل الممتنع، بالإضافة الى الاقتصاد في الوسائل الدرامية. وبعد نجاحهم في الأسلوب الرمزي عبر شخصيات الحيوانات، دخل "فنانو السنابل" مباشرةً الى قلب أزقة بيروت وبالتالي الى قلب هواجسهم الاجتماعية، في عمل مسرحي مميّز بعنوان "صابر والعيد". يقول حسن ضاهر: "مع بداية عملنا، قدمنا أعمالاً ذات مضمون إنساني شمولي، وتوصلنا في ما بعد، الى أنه باستطاعتنا أن نقدِّم للطفل موضوعاً محدداً له علاقة بواقعه وبعالمه وبأدواته. فكانت مسرحية "صابر والعيد" التي تعبِّر عن العيد الشعبي، وقلنا إن الفرح في بعض المجتمعات حكر على البعض، وليس باستطاعة جميع الأطفال المشاركة فيه".
تدور أحداث المسرحية في أزقة بيروت، في يوم العيد والليلة التي تسبقه. أبطال المسرحية ثلاثة من المقهورين: الخادمة "زهرة" التي تهرب من مخدومتها لتمارس طفولتها، الحمار "صابر" الذي ينتفض على صاحبه رافضاً العمل في يوم العيد، وبائع البالونات الطفل العامل الذي يحلم بطفولة سعيدة. يخرج الثلاثة بحثاً عن العيد، يعترضهم صخب المدينة وزماميرها وأبنيتها العالية الى أن يصطدموا بحارسٍ يقفل باب العيد بوجه كلّ من لا يملك مالاً. يلتقي الثلاثة بأطفال آخرين أتوا من أحياء فقيرة (حي الوتوات،
مشهد من مسرحية "يللا ينام مرجان" اخراج :كريم دكروب سينوغرافيا : وليد دكروب

زاروب الطمليس، برج حمود، وبرج البراجنة...)، ويقررون سويةً إحياء عيدهم بأنفسهم في وسط الشارع، بالقدر القليل من الأدوات التي يملكونها. يبرز في هذه المسرحية عنصر الاحتفال الشعبي عبر شخصياته وتعابيره وألحانه وطقوسه، في محاكاة موفّقةٍ لمسرحية "الليلة الكبيرة" لمسرح العرائس في القاهرة. وكما في مسرح الدمى في أوروبا والشرق الأقصى تُصوِّر المسرحية فرح العيد "من تحت"، أي من وجهة نظر الطبقة المسحوقة التي ترى في هذه المناسبة فرصةً للفرح النادر وأملاً في الوصول الى حياةٍ أفضل.
رغم أن المسرحية "مهذبة" لكونها تتوجه إلى الأطفال، إلا أنها تُبرِز "فظاظة" الفقراء وتعابيرهم العفوية أمام التهذيب المصطنع للأغنياء الذين "يقرفون" من وجود "حمارٍ يتكلم"، كما تخدش مسامعهم أسماء الأحياء الفقيرة، وهي سمة من سمات مسرح الدمى الشعبي في كل العالم حيث يتحول التهذيب الى لغةٍ مدانةٍ، والألفاظُ السوقية الى خير تعبيرٍ عن نبض الناس. وقد رأينا هذا المبدأ بشكل جليّ في عروض خيال الظل القديم، وفي عروض الكراكوز السوري والتركي والمغاربي والأراغوز المصري، وغيرها من الظواهر المسرحية الشعبية.
على المستوى المشهدي، اعتمدت المسرحية تقنية دمى القفاز مع عناية أكبر في نوعية الدمى المصنعة (مقارنةً مع المسرحيات السابقة للفرقة نفسها)، بالإضافة الى الديكورات التي تُبرِز أحياء المدينة بتفاصيلها مع خلفية بارزة للأبنية العالية. وقد استخدمت الفرقة تقنية السلايد (في السبعينات) التي تُبرِز صوراً حقيقيةً للعيد في بيروت. على المستوى الموسيقي، تميزت المسرحية بالغنى في الجملة اللحنية وبالتنوع في الإيقاعات التي أسهمت في البنية الدرامية للعمل. ولعل الجانب الموسيقي من العمل يستحق مقالةً نقدية مستقلة.
رغم فقر اللغة المسرحية التي اعتمدتها، يمكن اعتبار مسرحية "صابر والعيد" نقطة تحول في مسار مسرح الدمى في لبنان، كما كانت "الليلة الكبيرة" بالنسبة الى هذا الفن في مصر، مع اختلاف الظروف وطبيعة الإمكانيات المادية والتقنية. وهي لم تكن لتحدث هذا التأثير لولا المضمون الاجتماعي والسياسي الذي تحمله في طياتها.
شاهدتُ هذا العمل في طفولتي وقد كان له أثر كبير على تكوين شخصيتي الفنية وتطلعاتي على المستوى الجمالي والفكري والسياسي.
لقد ورّطني كلّ هؤلاء في الفن وفي السياسة، فدخلت متاهة مسرح الدمى ولم أخرج الى اليوم.
............................منقول
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
البعد السياسي والاجتماعي لمسرح الدمى في العالم العربي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» ادب الطفل في العالم العربي
» ادب المراة في العالم العربي (مقال)
» خصائص و مميزات المسرح في العالم العربي
»  واقع وآفاق قطاع السياحة بالجزائر وفي العالم العربي
» بحث حول الخصائص الفنية لمسرح توفيق الحكيم انموذجا السلطان الحائر

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الحضنة للعلم والمعرفة :: الفنون المسرحية :: المسرح العربي-
انتقل الى: