[center]بسم الله الرحمان الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم سيد الأولين والآخرين
وعلى آله وصحبه أجمعين إلـى يوم الدين اما بعد :
الوصول إلى المطلوب موقوف على هجر العوائد وقطع العوائق.
فالعوائد السكون إلى البدعة والراحة وما ألفه الناس واعتادوه من الرسوم والأوضاع التي جعلوها بمنزلة الشرع المتّبع,
بل هي عندهم أعظم من الشرع.
فإنهم ينكرون على من خرج عنها وخالفها ما لا ينكرون على من خالف صريح الشرع.
وربما كفّروه أو بدّعوه وضلّلوه, أو هجروه وعاقبوه لمخالفة تلك الرسوم, وأماتوا لها السنن,
ونصبوها أندادا للرسول صلى الله عليه وسلم يوالون عليها ويعادون.
فالمعروف عندهم ما وافقها والمنكر ما خالفها.
وهذه الأوضاع والرسوم قد استولت على طوائف بني آدم من الملوك والولاة والفقهاء والصوفية والفقراء, والمطوعين والعامة. فربي فيها الصغير ونشأ عليها الكبير واتخذت سننا بل هي أعظم عند أصحابها من السنن.
الواقف معها محبوس والمتقيّد بها منقطع.
عمّ بها المصاب, وهجر لأجلها السنة والكتاب:
من استنصر بها فهو عند الله مخذول, ومن اقتدى بها دون كتاب الله وسنة رسوله فهو عند الله غير مقبول.
وهذا أعظم الحجب والموانع بين العبد وبين النفوذ إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلّم.
وأما العوائق فهي أنواع المخالفات ظاهرها وباطنها, فإنها تعوق القلب عن سيره إلى الله وتقطع عليه طريقه,
وهي ثلاثة أمور: شرك وبدعة ومعصية,
فيزول عائق الشرك بتجريد التوحيد, وعائق البدعة بتحقيق السنة, وعائق المعصية بتصحيح التوبة.
وهذه العوائق لا تتبين للعبد حتى يأخذ في أهبة السفر ويتحقق بالسير إلى الله والدار الآخرة.
فحينئذ تظهر له هذه العوائق ويحسن بتعويقها له بحسب قوة سيره وتجرّده للسفر,
وإلا فما دام قاعدا لا تظهر له كوامنها وقواطعها.
وأما العلائق فهي كل ما تعلق به القلب دون الله ورسوله من ملاذ الدنيا وشهواتها ورئاستها وصحبة الناس والتعلق بهم,
ولا سبيل له إلى قطع هذه الأمور الثلاثة ورفضها إلا بقوة التعلق بالمطلب الأعلى,
وإلا فقطعها عليه بدون تعلّقه بمطلوبه ممتنع.
فإن النفس لا تترك مألوفها ومحبوبها إلا لمحبوب هو أحب إليها منه وآثر عندها منه.
وكلما قوي تعلقه بمطلوبه ضعف تعلقه بغيره.
وكذا بالعكس والتعلق بالمطلوب هو شدة الرغبة فيه. وذلك على قدر معرفته به وشرفه وفضله على ما سواه
الفوائد ابن قيم رحمه الله